للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ذلك عنه، وهي نوعان: أحدهما: أن تتجرد المكتابة عن الإِجازة.

والثاني: أن تقترن بالإِجازة بأن يكتب إليه ويقول: أجزت لك ما كتبته لك، أو ما كتبت به إليك أو نحو ذلك. فأما الكتابة بدون إجازة فقد أجاز الرواية بها كثير من المتقدمين والمتأخرين منهم السختياني والليث بن سعد وبعض الشافعية وجعلها أبو المظفر السمعاني وبعض الأصوليين أقوى من الاجازة ومنع بعض الشافعية الرواية بها، قال ابن الصلاح: والمذهب الأول هو الصحيح المشهور بين أهل الحديث (١)، وكثيراً ما يوجد في مسانيدهم قولهم: كتَبَ إلَيَّ فلان قالَ: حدثنا فلانٌ، والمراد به هذا. وذهب غير واحد من علماء المحدثين وأكابرهم إلى جواز إطلاق حدثنا وأخبرنا في الرواية بالمكاتبة، والمختار قول من يقول فيها كتب إلي فلان. قال ابن الصلاح: " أما المكاتبة المقرونة بلفظ الإِجازة فهي في الصحة والقوة شبيهة بالمناولة المقرونة بالإجازة. قلت: وتدخل هذه المكاتبة في مضمون حديث الباب، ويدل عليها دلالة مباشرة.

ثانياًً: دل الحديث، على جواز المناولة في الحديث كما ترجم له البخاري، وأقوى أنواعها المناولة المقرونة بالإِجازة، وهي كما عرفها القسطلاني " أن يعطي الشيْخ الكتاب للطالب ويقول له فيه: هذا سماعي من فلان، وقد أجزت لك أن ترويه عنه، اهـ. ولها صور أخرى أيضاً، منها: أن يعير الشيخ الكتاب للطالب لينسخه ويقابل به ثم يعيده للشيخ، أو يعطي الطالب للشيخ الكتاب فينظر فيه الشيخ ويتأمله حتى يتأكد أنه أصل صحيح، وأنه من روايته، ثم يُعيده الشيخ للطالب، ويخبره أنه من روايته، ويأذن له بأن يرويه عنه.

قال فضيلة الشيخ أحمد شاكر: فهذه الصور كلها مناولة مقرونة بالإِجازة، وهي أعلى أنواع الإِجازة. اهـ. واختلف المحدثون في حكمها: هل هي كالسماع فيقال فيها حدثنا وأخبرنا أم لا؟ فذهب الزهري وربيعة ويحيى بن


(١) المقدمة لابن الصلاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>