للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَقَائِمٌ أسْقِي أبا طَلْحَةَ وَفُلاناً وفُلاناً، إذ جَاءَهُ رَجُل فَقَالَ: وَهَلْ بَلَغَكُم الخَبرُ؟ قَالُوا: ومَا ذَاكَ؟ قَالَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، قَالُوا: أهْرِقْ هَذِهِ القِلَالِ يَا أنسُ، فَمَا سَألوا عَنْهَا، ولا رَاجَعُوها بَعْدِ خَبَرِ الرَّجُل".

ــ

" (فَاجْتَنِبُوهُ) " أي ابتعدوا عن مجرد القرب منها، فضلاً عن شرب الخمر، أو لعب القمار، أو عبادة الأصنام " (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) " أي لكي تفوزوا بدخول الجنة والنجاة من النار.

١٠٢٥ - أما معنى الحديث: فيقول أنس رضي الله عنه: " ما كان لنا خمر غير فضيخكم " " يعني " أن الخمر التي كانوا يشربونها بالمدينة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وحرمها الله بقوله تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) كانت من ثمار النخل على اختلاف أنواعها رطباً وتمراً، ومنها الفضيخ وهو يصنع من الرطب ثم ذكر رضي الله عنه اليوم الذي حرمت فيه الخمر بالمدينة، وأنه بينما كان قائماً يسقي أبا طلحة وضيوفه من شراب الفضيخ هذا (١). إذ قدم عليهم رجل فأخبرهم بتحريم الخمر، فأمره أبو طلحة أن يريق تلك الجرار الكبيرة التي كانت مملوءة بالشراب، أما النفر الذين كانوا يشربون عند أبي طلحة، وهم أبو دجانة وسهيل ابن بيضاء وأبو عبيدة وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبو أيوب رضي الله عنهم فإنهم لما وصلهم خبر تحريمها والكؤوس في أيديهم كفّوا عن شربها حالاً وأراقوا ما فيها ... فقالوا: انتهينا ربنا، انتهينا قال أنس: " ولا راجعوها بعد خبر الرجل " أي انتهوا عنها إلى الأبد ولم يعودوا إليها بعد نزول الآية الكريمة.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على بيان معنى الخمر المحرَّمة في الآية الكريمة. وأنها كل شراب مسكر من أي مادة كانت، سواء كان من العنب أو


(١) وهو شراب يصنع من البسر أي الرطب الطري.

<<  <  ج: ص:  >  >>