عظيمة البنيان مشيدة بالذهب والفضة، قال - صلى الله عليه وسلم -: " فتلقانا رجال شطر من خلقهم " بسكون اللام " كأحسن ما أنت راءٍ، وشطر كأقبح ما أنت راءٍ " أي نصف خلقتهم وصورتهم كأجمل صورة تراها العين، والنصف الآخر كأقبح صور تراها العين " فقالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر " أي فقال لهم الملكان اذهبوا إلى ذلك النهر، وهو نهر الحياة واغسلوا أجسامكم فيه. " فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا، فذهب ذلك السوء عنهم " أي زال عنهم ما كان فيهم من القبح والبشاعة " قالا لي: هذه جنة عدن، وهذا منزلك " يعني وأطلعاه - صلى الله عليه وسلم - على جنة عدن، وعلى منزله فيها. " قالا: أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن، وشطر منهم قبيح فإنهم خلطوا عملاً صالحاً " أي أما القوم الذين نصفهم حسن والنصف الآخر قبيح فإنهم جمعوا بين الحسنات والسيئات معاً، فظهرت الحسنات في صورتهم الجميلة، وظهرت السيئات في صورتهم القبيحة " تجاوز الله عنهم " أي وقد عفا الله عنهم، وأدخلهم الجنة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن الذين خلطوا أعمالاً صالحة وأعمالاً سيئة يرجى لهم عفو الله تعالى لقول الملكين كما في الحديث: "أما القوم الذين شطر منهم حسن، وشطر منهم قبيح فأولئك الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً تجاوز الله عنهم. ثانياً: أن الأعمال الصالحة تمثل يوم القيامة