" البَيِّنةُ وِإلَّا حَدّ في ظَهْرِكَ " فَقالَ هِلال: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ إني لَصَادِق، فَلَيُنْزِلَنَّ اللهُ مَا يُبَرِّىءُ ظَهْرِي مِنَ الْحَدِّ، فنزَلَ جِبْرِيلُ، وأنْزَلَ عَلَيهِ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) فَقَرأ حَتى بَلَغَ (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فانْصَرَفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسَلَ إليْهَا، فجاءَ هِلال فَشَهِدَ والنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:" إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أنَّ أحدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ، ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فلمَّا كَانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ، وقَّفُوهَا وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَة، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأت ونكَصَتْ حتى ظَنَنَّا أنَّهَا تَرْجِعُ، ثم قَالَتْ: لا أفضَحُ قَوْمِي سَائِرَ اليَومِ، فَمَضَتْ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
ــ
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) حتى بلغ (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) " أي فنزل عليه جبريل بآيات الملاعنة التي تبرىء ظهره من الحد، وهي الآيات المذكورة " فأرسل - صلى الله عليه وسلم - إليها فجاء هلال فشهد والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب " يعني فلما نزلت آيات الملاعنة أحضرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ووعظهما قبل إجراء الملاعنة، وحذرهما من غضب الله تعالى على من كان منهما كاذباً، وأخبرهما أن الله مطلع عليهما، عالم بالكاذب منهما، وسيجازيه على ذلك وعذاب الدنيا أهون من عذاب يوم القيامة، ولكنهما أصرا على موقفهما، فتقدم هلال، فشهد وقال في الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قامت زوجته فشهدت. " فلما كانت عند الخامسة أوقفوها " أي أوقفوها عن النطق بهذه الشهادة " وقالوا: إنها موجبة " أي احذري أن تؤدي الشهادة الخامسة وأنت كاذبة، فإنها موجبة للعذاب الشديد يوم القيامة " فتلكأت " أي توقفت وترددت وتأخرت بعض الوقت في أدائها " ونكصت " أي رجعت إلى الوراء والمعنى أنها سكتت مدة من الزمن قبل أن تنطق بالشهادة