منهما تقول له ذلك، وهو معنى قولها: " فواطأت أنا وحفصة " أي اتَّفقنا معاً " على أيتنا دخل عليها فلتقل له أكلتَ مغافير، إني أجد منك ريح مغافير " أي أشم منك رائحة هذا، الصمغ الكريه الرائحة " قال: لا " أي فلما دخل عليها، وقالت له: أكلت مغافير، قال: لا، لم آكل مغافير " ولكنني كنت أشرب عسلاً عند زينب بنت جحش، فلن أعود إليه، وقد حلفت " على أن لا أشربه " لا تخبري بذلك أحداً " أي فلا تخبري بهذا السر أحداً، وقد اختلفت الروايات فيمن شرب عندها، ففي بعضها أنها حفصة، ولكن الأرجح أنها زينب، لأن نساء النبي كن حزبين عائشة وحفصة وسودة وصفية في حزب، وزينب بنت جحش وأم سلمة والباقيات في حزب، وهذا يرجح أن زينب هي صاحبة العسل، لأنها المنافسة لها. قال المفسرون: فلما حلف النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يشرب عسلاً ولا يعود إليه إرضاءً لعائشة وحفصة، أنزل الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ومعناها: أن الله تعالى عاتبه على تحريم ما أحل الله له، فقال عز وجل لم تمتنع عن شرب العسل الذي أحله الله لك، تريد من وراء ذلك إرضاء عائشة وحفصة ثم ختم الآية بقوله:(وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تعظيماً لشأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتنبيهاً على علو مكانته حيث جعل ترك الأولى بالنسبة إلى مقامه الكريم يعد كالذنب، وإن لم يكن في نفسه ذنباً. " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " أي شرع لكم كفارة اليمين لتتحللوا وتتخلصوا منها بها، فافعل ما حرمته على نفسك، وكفّر عن يمينك