كالتَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طيَبٌ، ولا رِيحَ لَهَا، وَمثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرأ القُرْآنَ كالرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طيَبٌ، وطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المنافِقِ الَّذِي لا ْ يَقْرأ القُرْآنَ كالحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ أو خَبِيثٌ، ورِيحُهَا مُرٌّ".
ــ
الأصناف الأربعة من البشر، بشيء يماثله في الحسن والقبح الأول: المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به، وقد شبهه بالأترجة (١) في حلاوة مذاقها وطيب رائحتها، لأنه يجمع بين حسن الظاهر والباطن. والثاني: المؤمن الذي لا يقرأ القرآن لكنه يعمل به، فهو يشبه التمرة في حلاوة مذاقها، وإن كانت لا ريح لها، لأنه زين باطنه بالعمل بالقرآن، وإن لم يزين ظاهره بتلاوته. والثالث: المنافق الذي يقرأ القرآن رياءً وسمعة، ولا يعمل به في حياته أو يطبقه في سلوكه، فهذا يشبه الريحانة في طيب رائحتها، ومرارة طعمها، لأنه زين ظاهره بحسن التلاوة، وقّبح باطنه بسوء العمل. الرابع: المنافق الذي لا يقرأ القرآن ولا يعمل به، وهذا يشبه الحنظلة في مرارة طعمها وقبح رائحتها، فهو قبيح الظاهر والباطن معاً.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن. القرآن جمال لأهله على أي حال، فإن عمل به صاحبه جمَّله ظاهراً وباطناً، وسعد به في الدنيا والآخرة، وإن لم يعمل به وقرأه رياءً جمّله ظاهراً، ونفعه في الدنيا فقط. ثانياًً: أن المراءي لا يثاب على قراءة القرآن، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبهه بالريحانة التي طعمها مرٌ، وهذا يدل على قبح عمله، وعدم انتفاعه به في الآخرة. الحديث: أخرجه
(١) قال في شرح صفوة البخاري: وأهل العراق يطقون لفظ " الأترج " على نوع من فصيلة البرتقال، لكن له رائحة عطرية وطعمه أحلى. قلت: وأهل الشام يسمونه الكبّاد ويكثرون زراعته في البيوت كالنارنج، وقشرته سميكة ومتجعدة، وحجمه كبير يصل إلى حجم البطيخ الصغير ولونه عند نضجه أصفر وقيمته في قشرته حيث يصنع منها أفخر أنواع المربيات. اهـ. حسن السماحي.