للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصالحة من أعظم نعم الدنيا، ولذلك أمر - صلى الله عليه وسلم - بالمبادرة إليها وتفضيلها على غيرها، حيث قال: " فاظفر بذات الدين " أي فاحرص على أن تفوز بالمرأة الصالحة المتدينة لأنها خير متاع الدنيا إن نظرت إليها سرتك، وإن أمرتها أطاعتك وإن غبت عنها حفظتك في مالك وعرضها. " تربت يداك " ومعناه في الأصل افتقرت يداك، والمراد به هنا التحذير الشديد من مخالفة هذه النصيحة الغالية، وأن من خالفها وتزوج بغير ذات الدين. خسر كل المزايا التي لا تتوفر إلاّ في المرأة الصالحة من سعادة وطاعة وإخلاص، ووفاء وأمانة، واحترام لزوجها، ومراعاة لمشاعره، وحسن تربية لأولادها، ومحافظة على مال زوجها، وصيانة لعرضها، وهذا هو المقصود بقوله: " تربت يداك ".

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من أهم الصفات والمزايا التي يطلبها الرجل في المرأة المال والحسب والجمال والدين، فمن رغب في امرأة طمعاً في مالها، فإن هذا غرض خسيس تأباه النفوس الكريمة أما الرغبة في المرأة لحسبها ونسبها، فإنه لا شك أنه غرض نبيل، لأن العرق دساس، وللوراثة أثرها دون شك، أما الجمال فإن النفس البشرية تميل إليه بطبيعتها وفطرتها، وقد يكون سبباً للوفاق بين الزوجين. ثانياً: الترغيب في الزوجة الصالحة، وتفضيلها على غيرها، لأن من فقد المرأة الصالحة فقد كل شيء كما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: " فاظفر بذات الدين تربت يداك " فقد سمّى النبي - صلى الله عليه وسلم - نكاح ذات الدين ظفراً - أي فوزاً وفلاحاً، وحذر من نكاح المرأة التي لا دين لها، لأن نكاحها فقرٌ وإن حسبه غنى، وخسارة وإن ظنه كسباً. وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من تزوج المرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلاً، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقراً، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلاّ دناءة، ومن تزوج امرأة لم يتزوجها إلاّ ليغض بصره، أو يحصن فرجه، أو يصل رحمه بارك الله له فيها، وبارك لها فيه " أخرجه الطبراني في

<<  <  ج: ص:  >  >>