للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمن يريد أن يتزوج بها، ولو بلا إذنها، قال في تكملة المنهل العذب: ولا نعلم في ذلك خلافاً. والحكمة فيه أنّه أدعى لحسن العشرة، وبقاء الزوجية، وروى المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم (١) بينكما " أخرجه النسائي وابن ماجة والترمذي، وقال: هذا حديث حسن، وإليه ذهب بعض أهل العلم فقالوا: لا بأس أن ينظر إليها ما لم ير منها محرّماً، وهو قول أحمد وإسحاق. قال النووي: فيه استحباب النظر إلى من يريد تزوجها، وهو مذهبنا، ومذهب مالك، وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء، وحكى القاضي عن قوم كراهته، وهذا مخالف لصريح هذا الحديث، ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة، ثم إنه إنما يباح النظر إلى وجهها وكفيها فقط، لأنهما ليسا بعورة، ولأنه يستدل بالوجه على الجمال، وبالكفين على خصوبة البدن، أو عدمها هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين وقال داود: ينظر إلى جميع بدنها، وهذا خطأ ظاهر، منابذ لأصول السنة والإجماع، ثم مذهبنا -أي الشافعية- ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه لا يشترط في جواز النظر رضاها، بل له ذلك في غفلتها، لكن قال مالك: أكره نظره في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة. ثانياً: دل الحديث على أنه لا بد في النكاح من الصداق لقوله: " وهل عندك شيء " وعلى أنه يكفي في المهر أقل ما يتمول (٢)، ولهذا قال الشافعي وأحمد: لا حد لأقل المهر، وكل ما جاز أن يكون ثمناً جاز أن يكون مهراً، وقال (٣) أبو حنيفة ومالك: يقدر بما تقطع فيه يد السارق مع اختلافهما في قدره، فهو عند أبي حنيفة عشرة دراهم أو دينار، وعند مالك ربع دينار، واختلفوا هل يفسد النكاح بفساد الصداق أم لا؟ فقال أبو حنيفة والشافعي: لا يفسد النكاح بفساد المهر


(١) أي أن تدوم المودة بينكما.
(٢) " تكملة المنهل العذب " ج ٣.
(٣) " الإفصاح عن معاني الصحاح " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>