للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهما: يجب الاستئذان في كل بكر بالغة. اهـ. كما أفاده النووي، ومذهب مالك كالشافعي فقد روى مالك في " الموطأ " عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله أنهما كانا ينكحان بناتهما الأبكار ولا يستأمرانهن، ثم قال مالك بعد هذا: وعلى ذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار وأما العانس فاختلف قول مالك في إجبارها وقال الحسن البصري: نكاح الأب جائز على ابنته، ولو ثيباً كرهت، والصحيح قول جمهور العلماء أن الثيب إذا زوّجها أبوها بدون إذنها فكرهت ذلك فسخ نكاحها لما أخرجه البخاري عن خنساء بنت خذام الأنصارية رضي الله عنها أن أباها زوجها وهي ثيّب، فكرهت ذلك، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ْفرد نكاحه، وإن وافقت على ذلك فقال أبو حنيفة يصح نكاحها، وذهب الشافعي وأحمد إلى بطلانه واختلفوا في البكر البالغة فالمشهور من مذهب الإمام أحمد أن لأبيها إجبارها (١) وهو مذهب مالك والشافعي وإسحاق ودليلهم ما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن وإذنها صماتها " فحيث قسم النساء قسمين، وأثبت لاحداهما الحق، دل على نفيه عن الأخرى وهي البكر، فيكون وليها أحق فيها، الرواية الثانية عن الإمام أحمد ليس له إجبارها، وهو مذهب الإمام أحمد والأوزاعي والثوري وأبي ثور واختار هذه الرواية ابن تيمية وابن القيم والعلامة السعدي والشيخ بابطين مفتى الديار النجدية في عصره (٢) ودليل عدم إجبار البكر نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن تزويجها بدون إذنها فلو لم يكن إذنها معتبراً ما جعله غاية لإِنكاحها في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تنكح البكر حتى تستأذن " فإن زوّجها أبوها بدون إذنها فالمشهور من مذهب مالك والشافعي وأحمد أن النكاح صحيح وإن كرهت ذلك وقال أبو حنيفة ومن وافقه: إذا لم ترض بذلك فالنكاح مفسوخ


(١) " تيسير العلام " ج ٢.
(٢) " تيسير العلام " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>