للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقدس العلاقات ولهذا سمّى الله عقد النكاح ميثاقاً. فكل ما يؤدي إلى قطع هذه العلاقة وإلغاء ذلك الميثاق فهو بغيض إلى الله تعالى لما يقضي عليه من منافع مشتركة بين الزوجين لذلك حذّر من الطلاق، وروى ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أبغض الحلال إلى الله الطلاق " أخرجه أبو داود والحاكم وصححه (١) ومن هنا شدد بعض الفقهاء فيه قال في " تيسير العلام " (٢): والأصل في الطلاق الكراهة للحديث المتقدم، ولأنه حلٌّ لعرى النكاح الذي رغب فيه الشارع، وجعله سبباً لكثير من مصالح الدين والدنيا، فإن الطلاق سبب في إبطال هذه المصالح، والله لا يحب الفساد " فمن هنا كرهه الشارع، لكنه عند الحاجة إليه نعمة كبيرة حيث يحصل به الخلاص من العشرة المرَّة، وفراق من لا خير في البقاء معه، إما لضعف في الدين، أو سوء في الأخلاق، أو غير ذلك مما يسبب قلق الحياة، وبهذا تعرف جلال هذا الدين وسمو تشريعاته خلافاً للنصارى الذين لا يبيحون الطلاق، فتكون الزوجة غلاًّ في عنق زوجها وإن لم توافقه. اهـ. ويرى الحنابلة أن للطلاق أربعة أحكام، فيكون واجباً وهو طلاق الحكمين، وطلاق المؤلي بعد التربص، ومندوباً عند تفريط المرأة في حقوق الله من صلاة وغيرها (٣)، أو كانت غير عفيفة. قال ابن قدامة: ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب، ويكون مباحاً لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها، ويكون محرماً إذا كان لغير حاجة، لأنه ضرر بالزوج وزوجته وإهدار لمصالحهما. اهـ.

...


(١) قال الحافظ في " التلخيص " رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم من حديث محارب بن دثار عن ابن عمر ورواه أبو داود والبيهقي مرسلاً، ليس فيه ابن عمر، ورجح أبو حاتم والدارقطني في العلل، والبيهقي المرسل. (ع).
(٢) " تيسير العلام " ج ٢.
(٣) " فقه السنة " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>