سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ في الدِّيون، وإنَّما أنَا قَاسِمٌ، واللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هِذِهِ الأمَّةُ قائِمَةً على أمْرِ اللهِ لَا يَضُرَّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يأتِيَ أمْرُ اللهِ".
ــ
فقال: إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه فقالت أمه هند: قومه فقط! ثكلتْهُ أمه إن لم يسد العرب قاطبة، تولى الإِمارة عشرين سنة، والخلافة مثلها، وقال فيه عمر رضي الله عنه: هذا كسرى العرب روى (١٦٣) حديثاً انفرد البخاري بثمانية، ومسلم بخمسة، وتوفي سنة ٦٠ من الهجرة.
معنى الحديث: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " من يرد الله به خيراً " أي خيراً عظيماً، ونفعاً كثيراً، فإن التنكير للتعظيم " يفقهه في الدين " أي يمنحه العلم الشرعي الذي لا يدانيه خير في هذا الوجود في فضله وشرفه، وعلو درجته، لأنه ميراث الأنبياء، الذي لم يُورِّثُوا غيره " وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم ". وللفقه في لسان الشرع معنيان، معنىً خاص: وهو معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والمعاملات والجنايات والأحوال الشخصية. ومعنىً عام: وهو معرفة علوم الدين من توحيد وتفسير وحديث وفرائض وأحكام، وهو المراد هنا " وإنما أنا قاسم " أي وإنما أنا مجرد قاسم للعلوم الشرعية، ومبلغ لها، أبلغها وأنقُلها إليكم عن ربكم " والله عز وجل يعطي " أي والله وحده هو الذي يعطي الحفظ والفهم من يشاء وعلى قدر ما يشاء " ولن تزال هذه الأمة " أي لا تزال طائفة من المسلمين " قائمة على أمر الله " أي ثابتة على دينه إلى قيام الساعة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن العلم الشرعي أشرف العلوم إطلاقاً، لعلاقته بالله. ثانياً: أن الفقه في الدين موهبة ربانية يختلف الناس فيها وكذلك كل الملكات الإِنسانية. والمطابقة: في كون الترجمة من لفظ الحديث.