للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت: يا رسول الله لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبداً، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة، فإذا هو أشدهم سواداً، وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً، فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم وإن شاء زدته ففرق بينهما. اهـ. " فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة " وهذا أمر إرشاد وإصلاح لا أمر إيجاب وإلزام.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: جواز الخلع ومشروعيته، وهو " فراق زوج يصحُّ طلاقه لزوجته بعوض مالي. وقد أجمع العلماء على جوازه خلافاً لبكر بن عبد الله المزني التابعي ومما يدل على جوازه قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ) ويشترط في الخلع -كالطلاق- أن يكون الزوج مكلفاً والزوج محلاً للطلاق، وأن يكون بصيغة الماضي في الإِيجاب والقبول بأن يقول الزوج: خالعتك على كذا، وتقول الزوجة: قبلت، فإن لم تصرح بالقبول لا يقع الخلع (١) ولا تتحقق الفرقة ولا يستحق العوض. ولا يشترط البدل -أي العوض- عند أبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية وفي رواية أخرى عن أحمد لا يكون خلعاً إلاّ بعوض. ولا يقع الخلع أيضاً بمجرد بذل المال وقبوله، بل لا بد من أن يتلفظ الزوج بالخلع عند أحمد خلافاً للحنفية حيث قالوا: أخذ المال تطليقة بائنة. ثانياًً: استدل بعض أهل العلم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " طلِّقها تطليقة " على أن الخلع لا يُعَدُّ ولا يعتبر طلاقاً إلاّ إذا اقترن بذكر الطلاق، لأنه لو كان الخلع بنفسه طلاقاً لما احتاج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأمره بطلاقها والمسألة خلافية. قال في " الإِفصاح " اختلفوا (٢) في الخلع هل هو فسخ أو طلاق، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: " في إحدى روايتيه " هو طلاق بائن وعن أحمد


(١) بخلاف ما إذا قال خالعتك ونوى به مجرد الطلاق فإنه يقع وإن لم تقبله الزوجة، لأن الطلاق لا يحتاج إلى موافقة الزوجة.
(٢) " الإفصاح عن معاني الصحاح " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>