للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة على زوجها أهون عليها من رمي تلك البعرة " فلا، حي تمضي أربعة أشهر وعشر " أي فلا يجوز لها الكحلُ حتى تمضي مدة الإِحداد الكاملة.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية العدة للمتوفى عنها زوجها، وتحديد مدتها بأربعة أشهر وعشر لقوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث " لا حتى تمضي أربعة أشهر وعشر ". ثانياً: دل الحديث على مشروعية إحداد المرأة على زوجها المتوفى أربعة أشهر وعشراً، وهو واجب عند الجمهور، لحديث الباب، وقال الحسن البصري والشعبي: لا يجب (١)، لحديث أسماء بنت عميس قالت: دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم الثالث من قتل جعفر، فقال: " لا تحدي بعد يومك هذا " أخرجه أحمد، وصححه ابن حبان، قال أحمد وإسحاق: هذا الشاذ من الحديث لا يؤخذ به لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة في الإحداد، ولهذا ترك أهل العلم العمل به، والإحداد واجب على المرأة صغيرة كانت أم كبيرة. بكراً أو ثيباً. أما المطلقة إن كانت بائنة بينونة صغرى أو كبرى فقال مالك والشافعي: لا إحداد عليها خلافاً للحنفية حيث قالوا: يجب عليها الإحداد قياساً على المتوفى عنها زوجها. ثالثاً: ظاهر هذا الحديث النهي عن الاكتحال مطلقاً لضرورة أو لغير ضرورة لما جاء في رواية ابن حزم أنّها قالت له: إني أخشى أن تنفقأ عينها، قال: " لا وإن انفقأت " وسنده صحيح ولكن الذي عليه أهل العلم جواز الاكتحال للضرورة ورخص فيه عند الضرورة عطاء والنخعي ومالك وأصحاب الرأي وقال النووي: حديث الباب دليل على تحريم الاكتحال على الحادة سواء احتاجت إليه أم لا، وجاء في حديث أم سلمة في " الموطأ " وغيره " اجعليه بالليل، وامسحيه بالنهار " ووجه الجمع أنها إن لم تحتج إليه لم يحل، وإن احتاجت إليه لم يجز بالنهار، ويجوز بالليل. الحديث: أخرجه الستة. والمطابقة: في قوله: " فاستأذنوه في الكحل فقال: لا تكحل ".


(١) فإن المطلقة ثلاثاً والمتوفى عنها زوجها تكتحلان وتمتشطان وتتطيبان وتصبغان ما شاءتا. (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>