للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد اشترك معها في قتل الحيوان أو انفرد بقتله، فإنه يحرم أكله، لاحتمال أنه استرسل بنفسه، أو أرسله مجوسي لم يذكر اسم الله عند إرساله " فإنك إنما ذكرت اسم الله على كلبك، ولم تذكره على غيره " أي فلو صاده الكلب الآخر فإنه يحتمل أنه لم يذكر اسم الله عليه.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه يجوز الصيد بكل محدد فكل حيوان صيد بمحدد فهو مباح الأكل، ولا يحل صيد المثقل وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد والثوري، لأنه وقيذ. ثانياًً: دلّ هذا الحديث على أن صيد الكلب وشبهه من ذوات الناب حلال بثلاثة شروط: الأول: أن يكون معلماً إذا أغراه صاحبه بالصيد طلبه، وإذا زجره انزجر، وإذا أمسك الصيد أمسكه على صاحبه، واختلفوا في علامة ذلك ومتى يتحقق كونه معلّماً على صاحبه، فذهب أحمد وأبو يوسف ومحمد والشافعي (١) في أرجح أقواله: أن علامة إمساكه على صاحبه، وكونه معلماً أن لا يأكل من الصيد، فإن أكل منه فلا يجوز الأكل منه، لما في رواية النسائي، " فإن أدركته قد قتل، ولم يأكل فقد أمسكه عليك، وإن وجدته قد أكل منه فلا تطعم منه شيئاً فإنما أمسك على نفسه " وفي رواية الترمذي " فإن أكل فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه "، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن الكلب المعلم يعرف بغالب الرأي، أو بالرجوع إلى أهل الخبرة، فإذا عرف بذلك أنّه معلّم، فإنه يؤكل من صيده ولو أكل منه، لما جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أبا ثعلبة الأعرابي قال: يا رسول الله إنّ لي كلاباً مكلّبة أفتني في صيدها قال: " كل مما أمسكن عليك " قال: وإن أكل منه؟ قال: " وإن أكل منه " أخرجه أبو داود، ولا بأس بسنده. اهـ. الثاني: أنه يشترط في صيد الكلب أن يكون قد سمّى الله عليه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنما ذكرت اسم الله على كلبك" فإن


(١) " تحفة الأحوذي " ج ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>