منها أرضاً خصبة نقيّة من الحشرات والديدان، التي تفتك بالزرع. " قبلت الماءَ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير " أي شربت مياه الأمطار، فأنبتت النبات رطباً ويابساً، فاستفادت في نفسها نضرةً وجمالاً، وأفادت الإِنسان والحيوان غذاءً وكساءً. " وكانت منها أجادب " أي وكان بعضها أرضاً صلبة مجدبة، لا تنبت زرعاً، ولكن فيها غدْرَانٌ " أمسكت الماء " فكانت بمثابة خزانات ضخمة، حفظت الماء، وأمدت به غيرها " فنفع الله بها الناس، فسقوا " مواشيهم " وشربوا " " منها ما يرويهم " وزرعوا " أي وحولوا الماء إلى أرض خصبة فزرعوها، فهي وإن لم تنتفع بالغيث في نفسها، إلاّ أنها نفعت غيرها من الإنسان والحيوان. " وأصاب منها طائفة أخرى " أي وأصاب ذلك الغيث نوعاً آخر من الأرض " إنما هي قيعان " أي أرض مجدبة مستوية لا غدران فيها " لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ " أي فهي لا تحفظ الماء لاستواء سطحها، ولا تنبت العشب لجدبها وصلابتها فلم تنتفع بذلك الغيظ في نفسها، ولم تنفع غيرها فهي شر أقسام الأرض وأخبثها. ثم بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا في بقية الحديث هذه الأمثلة ووضّحها لنا بقوله:" فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم " أي فتلك (١) الأرض الخصبة النقية هي
(١) وذلك لأن اسم الإشارة يعود إِلى صنفين من الأرض هما: النقية، والأجادب.