للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأةُ السَّوْدَاءُ أتَتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: إنِّي أُصْرَعُ وإِنِّي أَتكَشَّفُ، فادعُ اللهَ لِي، قَالَ: " إِنْ شِئتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وإن شِئْتِ دَعَوْتُ الله أن يُعَافِيَكِ " فَقَالَتْ: إِنِّي أصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أتكَشَّفُ، فادْعُ اللهَ أن لا أتَكشَّفَ، فَدَعَا لهَا.

ــ

أن أريك امرأة مقطوعاً لها بالجَنَّةِ (١) فهي من أهلها حقيقة. لا ظناً وتخميناً " قال: بلى " أريد أن أعرف ذلك " قال: هذه المرأة السوداء " واسمها سعيرة الأسدية، وفي رواية عطاء بن أبي رباح في هذا الحديث " فأراني حبشية صفراء فقال: هذه سعيرة الأسدية " ثم ذكر قصتها، فقال: " أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع " أي أصاب بالصرع، فأفقد وعيي، والصرع كما يقولون: داء يتميز بنوبات فجائية من فقدان الوعي ويقترن غالباً بالتشنج، وسيأتي شرحه "وإني أتكشف" أي يتكشف جسمي أثناء فقدان الوعي " فادع الله لي " بالشفاء من هذا المرض العضال " قال: إن شئت صبرت ولك الجنة " أي وأبشرك بدخول الجنة بغير حساب " قالت إني أصبر " وأؤثر الباقي على الفاني، والآخرة على الدنيا. " فقالت: إني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف " أي فصبرت رضي الله عنها على ما تعانيه من آلام، ولكنها لم تصبر على تكشف جسمها، ونظر الناس إلى عورتها، وسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن يدعو الله لها أن يحفظها من التكشف أثناء صرعها " فدعا لها " بذلك.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنّ الصرع من الأمراض الشديدة التي يعظم أجرها وثوابها عند الله تعالى، وقد وعد النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه المرأة بالجنة مقابل صبرها عليه ولهذا قال البخاري: باب فضل من يصرع. والصرع نوبات فجائية تقترن بالتشنج وتتفاوت في شدتها ومعدل ترددها، وفي الفترة


(١) أي مشهوداً لها بالجنة بشهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>