للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسب. وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الله تعالى لم ينزل داء إلاّ أنزل له دواء، علم ذلك من علم، وجهل ذلك من جهل، إلّا السام " قالوا: يا رسول الله وما السام؟ قال: " الموت " (١) أخرجه الحاكم والبزار.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن لكل داء سواء كان نفسياً أو جسمياً دواء يؤثر فيه ويقضي عليه ما عدا الموت كما قال عنترة:

وَلَوْ عَرَفَ الطبيْبُ دَوَاءَ دَاءٍ ... يَرُدُّ المَوتَ مَا قَاسَى النِّزَاعا

ولكن الطيب قد يصيب الدواء المناسب، ويهتدي إليه فينجح في معالجة الداء بإذن الله، وقد يخطأ الطيب في معرفة الدواء لجهله به، أو في تشخيص المرض فيفشل في العلاج، والحديث صريح في أنه ليس هناك أمراض مستعصية لا دواء لها، حتى هذه الأمراض المستعصية لها أدوية تؤثر فيها، وتقضي عليها، ولكن الأطباء لم يكتشفوها حتى الآن. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: " إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله " أخرجه النسائي، وابن ماجة، والحاكم، وابن حبان والطبراني، ورجاله ثقات (٢)، قال الحافظ: وفيه إشارة إلى أن بعض الأدوية لا يعلمها كل أحد، أقول: وبعض الأمراض لم تكتشف أدويتها (٣) حتى الآن، وقد دلت التجارب على صدق هذه القضية، فإن السل وبعض الأمراض الصدرية كانت تعد من الأمراض المستعصية، فلما اكتشف البنسلين أصبح من الأمراض العادية التي يسهل علاجها بإذن الله، سيما إذا كان في الدرجة الأولى أو الثانية. ثانياً: دل هذا الحديث على مشروعية العلاج، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بأن الذي خلق


(١) قال الحافظ: أي المرض الذي قدر على صاحبه الموت فيه.
(٢) " الطب النبوي " لابن القيم وتعليقاته للدكتور عادل الأزهري.
(٣) كالسرطان مثلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>