" رَأيْتُ بِشِمَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَيَمِينِهِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يَوْمَ أُحُدٍ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلا بَعْدُ ".
ــ
حديثه هذا، أنه رأي يوم أحد عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - ويساره رجلين عليهما ثياب بيض، لم يسبق له أن رآهما قبل ذلك اليوم، ولم يرهما بعد ذلك اليوم، قال بعض أهل العلم: هما جبريل وميكائيل، ولبسا الثياب البيض لأنّها أحب الثياب إلى نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على استحباب لبس الثياب البيض لكونها من سنته، ومن أحب الثياب إلي نفسه الشريفة، حتى أن الملكين جبريل وميكائيل ارتديا الثياب البيضاء يوم أُحُد لعلمهما أن أحب الألوان إلى نبينا - صلى الله عليه وسلم - البياض، وفي رواية:" البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفّنوا فيها موتاكم " أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم أيضاً، قالوا: وإنما رغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في لبس الثياب البيضاء أو البيض ووصفها بأنّها " أطيب " لدلالتها غالباً على التواضع، وعدم (١) الكبر والخيلاء والعجب. أما سبب كونها " أطهر " فلأنها كما قال العيني: أكثر تأثراً من الثياب الملونة، فتغسل أكثر من غيرها، وتَطْهُر أكثر من سواها، وقد تقع في الثياب المصبوغة نجاسة فلا تُرى، أما الثياب البيض فإنها تكشف ما عليها، وفي البياض إشعار بطهارة الباطن من الغش والحقد والعداوة والبغضاء وسائر الأخلاق الذميمة الدنيئة. وفيها تذكير للحي بثوبه الأخير الذي يخرج به من الدنيا، والله أعلم. الحديث: أخرجه الشيخان.
والمطابقة: في كون الحديث يدل على أن الملكين لبسا الثياب البيض لمحبته - صلى الله عليه وسلم - لها.