حتى يبلغ الجلد، ويرى ما إك أن المستحبَّ هو أن يقص طرف الشعر المستدير على الشفة العليا، أما الحلق، فإنه مُثْلَةٌ لا تجوز، والحاصل أنه اختلف الفقهاء فيما يسن في الشارب، هل هو التقصير أو الحلق والإحفاء؟ فذهب مالك إلى الأول عملاً بحديث الباب، وبه فسر بقية الأحاديث الأخرى. وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أن السنة هي حلق، الشارب وإحفاؤه كما تقدم، قال ابن القيم في " زاد المعاد ": أما الإمام أحمد فقال الأثرم: رأيت الإِمام أحمد بن حنبل يحفي شاربه شديداً، وسمعته يسأل عن السنة في إحفاء الشارب فقال: يحفي كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " أحفوا الشوارب "، قال حنبل: قيل لأبي عبد الله: ترى الرجل يأخذ من شاربه أو يحفيه؟ أم كيف يأخذه؟ قال: إِن أحفاه فلا بأس، وإن أخذه قصاً فلا بأس. اهـ. أما الشافعي رحمه الله فقد قال النووي: المختار في الشارب أن يقصه حتى يبدو طرف الشفة، ولا يحفه من أصله، وصرح في " شرح المهذب " أن هذا مذهبنا، وقال الطحاوي: لم أر عن الشافعي في ذلك شيئاً منصوصاً، وأصحابه الذين رأيناهم كالمزني والربيع كانوا يحفون، وما أظنهم أخذوا ذلك إلَّا عنه. اهـ. تتمة وتكملة: اقتصر في هذا الحديث على هذه السنن الثلاث، وزاد في رواية أبي هريرة خصلتين أخريين: أولاهما: نتف الإبط (بكسر الهمزة والموحدة وسكونها وهو المشهور)، قال الحافظ ويتأدى أَصل السنة بالحلق، لا سيما لمن يؤلمه النتف، ويستحب البداية باليد اليمنى وهو سنة للرجال والنساء، والنتف أحسن من الحلق. وثانيهما الختان: قال ابن أبي زيد في " الرسالة ": والختان للرجال سنة، يعني سنة مؤكدة في حق الصغير والكبير، قال النفراوي: والزمن المستحب فعله فيه عند أمره بالصلاة ويكره ختنه يوم السابع، وروى ابن حبيب، عدم جواز إمامة وشهادة تاركه عمداً أو اختياراً، وإذا أسلم شيخ كبيرٌ سُنَّ ختنه إلَّا أنْ يَكون يحصل له ضرر، فيرخص له تركه، وقال الباجي: الاختتان عند مالك وأبي حنيفة من السنن كقص الأظفار، وحلق العانة، وقال الشافعي: هو واجب، وهو مقتضى قول سحنون، واستدل