للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعفاً، والفراغ شغلاً، تنبهوا من غفلتهم، وشعروا بالندم، وأدركوا أنهم قد خسروا نعمة صحتهم وفراغهم، فغُبنوا، وحزنوا أشد الحزن على ما فرطوا فيه فكان مثلهم في ذلك كمثل التاجر الذي يبيع سلعته بخسارة، حتى إذا شعر بأنه قد نقص رأس ماله حزن وندم على ما وقع له بسبب غفلته. وتفريطه.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: الترغيب في انتهاز الفرص المواتية من صحة وفراغ، ومال، ومركز، وجاه، والاستفادة منها فيما يرضي الله (١) تعالى لأن الفرصة قلما تعود إلى صاحبها مرة أخرى، فالعاقل من ينتهزها، ويغتنمها في طاعة الله، وقد جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لم يتحسر أهل الجنة إلاّ على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها ". ثانياً: قال السيوطي: في (٢) معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس " معناه أن الإنسان لا يتفرغ للطاعة إلاّ إذا كان مكفياً صحيح البدن، فقد يكون مستغنياً، ولا يكون صحيحاً، وقد يكون صحيحاً ولا يكون مستغنياً، فلا يكون متفرغاً للعلم والعمل لشغله بالكسب، فمن حصل له الأمران: " الصحة والفراغ " وكسل عن الطاعات فهو المغبون الخاسر. في تجارته. الحديث: أخرجه أيضاً الترمذي والنسائي وابن ماجة. والمطابقة: في كون الحديث يدل على أهمية الصحة والفراغ وهو ما ترجم له البخاري.

...


(١) وفي الحديث عن عمرو بن ميمون الأزدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه: " اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك " أخرجه الترمذي مرسلاً، رواه الحاكم في المستدرك موصولاً عن ابن عباس، وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. (ع).
(٢) " المرقاة شرح المشكاة " ج ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>