للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّكَ إِنْ أُوْتِيْتَهَا عَنْ مَسْألةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإنْ أُوْتِيْتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْألةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأيتَ غَيْرَها خَيراً مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِيْنكَ، وائْتِ الذي هُوَ خَيْرٌ".

ــ

المسلمين الإِمارة -بكسر الهمزة- أو غيرها من الولايات التي تتعلق بها مصالح الناس، لأنها أمانة كبرى ومسؤولية عظمى " فإنك إن أوْتِيْتَها عن مسألة وكلت إليها " أي فإنك إن وليت فيها بسبب سعيك وإلحاحك في طلبها وُكِلْتَ إلى جهدك وقوتك دون معونة ربانية وأنت لا تقدر عليها دون عون من الله تعالى "وإن أوتيتها عن غير مسألة" أي وإن جاءتك من غير طلب " أعنت عليها " أي أعانك الله على مسؤولياتها. " وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فكفر عن يمينك، وائت الذي هو خير " قال في " تيسير العلام ": أي إذا حلفت على أمر لتفعله أو لتدعه، فإن كان لا يترتب على حلفك شيء فأنت مخيّر بين المضاء فيها أو التكفير، وإن كان الأحسن هو فعل المحلوف على تركه، أو ترك المحلوف (١) على فعله، فأت الذي هو خير، وكفّر عن يمينك.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: كراهية طلب الإِمارة وغيرها من الولايات والحرص عليها لما في ذلك من تعريض النفس لعمل ربما لا يقوم بحقوقه، فيعرِّض نفسه للخطر ولما فيه غالباً من سوء القصد، فإنه لا يطلبها مع وجود من يقدر عليها إلاّ لغرض مال أو جاه أو غير ذلك من المقاصد. ثانياً: أن من جاءته الولاية دون طلب أو استشراف يعان عليها، لأنه يرى القصور في نفسه وحينئذ سيلتجىء إلى الله تعالى فيعينه عليها. ثالثاً: أنه يستحب الحنث في اليمين والتكفير عنها، إذا رأى أن الخير والأفضل والأنفع شرعاً في ترك المحلوف على فعله، أو في فعل المحلوف على تركه، كما فعل الصديق رضي الله عنه عندما


(١) " تيسير العلام " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>