للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسُؤَالِهِمْ، وإخْتِلافِهِمْ على أنْبِيَائِهِمْ، فإذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فاجْتَنِبُوهُ، وَإذَا أَمَرْتُكُمْ بأمْرٍ فَأقُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ".

ــ

ثلاثاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم، ثم قال: " ذروني ما تركتكم " أو كما قال في حديثنا هذا " دعوني ما تركتكم " والحديثان راويهما واحد، وموضوعهما واحد، ومعناهما واحد. قال ابن علان (١) في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " دعوني ما تركتكم، أو ذروني ما تركتكم كما في رواية مسلم معناه: لا تكثروا الاستفصال في المواضع التي تفيد وجهاً ظاهراً، وإن صلحت لغيره كما في قوله: " فحجوا " فإنه وإن أمكن أن يراد به التكرار ينبغي أن يكتفى منه بما يصدق عليه اللفظ وهو المرة الواحدة، فإنها مفهومة من اللفظ قطعاً، وما زاد مشكوك فيه، فيعرض عنه، ولا يكثر السؤال، لئلا يقع الجواب بما فيه التعب والمشقة. اهـ. " إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم " وفي رواية مسلم: بكثرة سؤالهم أي فإنما هلكت الأمم السابقة بسبب كثرة أسئلتهم لغير حاجة وضرورة، فإنها تشعر بالتعنت (٢) كقولهم لموسى: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ) لما أمروا بذبح بقرة، ولو أنهم عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لأجزأتهم، ولكنهم شددوا على أنفسهم بكثرة السؤال عن حالها، وصفتها، فشدد الله تعالى عليهم، فلم يجدوا البقرة بذلك النعت إلاّ عند إنسان معين فشروها بوزنها ذهباً أو بملء جلدها ذهباً " واختلافهم على أنبيائهم " بالجرِّ لأنه معطوف على سؤالهم أي أنهم هلكوا بسبب كثرة سؤالهم، وكثرة مخالفتهم، وعصيانهم لأنبيائهم، كاليهود أمرهم موسى عليه الصلاة والسلام أن يتفرغوا للعبادة يوم الجمعة فأبوا وقالوا: نريد يوم السبت، فشدد الله عليهم، وحرّم عليهم صيد


(١) " دليل الفالحين " ج ١.
(٢) شرح الأربعين النووية للجرداني.

<<  <  ج: ص:  >  >>