للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأخلاق الذميمة، وهذا كله باطل فاسد، لما جاء عن الصادق المصدوق، وقال حنبل بن إسحاق: من أنكر الميزان فقد رد على الله ورسوله. وقال شارح الطحاوية (١): والذي دلت عليه السنة أن ميزان الأعمال له كفتان مشاهدتان.

وذكر البغوي (٢) في تفسيره أن الله تعالى ينصب ميزاناً له لسان وكفتان، كل كفة بقدر ما بين المشرق والمغرب، وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " خلق الله كفتي الميزان مثل السموات والأرض، فقالت الملائكة: يا ربنا من تزن بهذا؟ فقال: أزن به من شئت " (٣) قال النفراوي في شرح الرسالة: (٤) وقد بلغت أحاديث الميزان مبلغ التواتر، وانعقد عليه إجماع أهل الحق، وأنه ميزان حِسِّى له كفتان ولسان.

أما ما هو الشيء الذي يوزن؟ فإن أهل العلم اختلفوا على ثلاثة أقوال. الأوّل: أنه يوزن العامل مع عمله، ويشهد له ما روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إني ليؤتى بالرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، قال: اقرءوا إن شئتم: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) الثاني: أن الذي يوزن هو صحائف الأعمال، وقد نقل الآلوسي (٥) عن القاضي عياض أن هذا هو قول الجمهور، ولعله أراد أنّه قول أكثر أهل العلم، واستدلوا بحديث عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله سيخلص رجلاً من أمتى على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجَّلاً كل سجلٍّ مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذر؟ قال: لا، يا رب، فيقول: بلى،


(١) شرح الطحاوية في العقائد.
(٢) تفسير البغوي.
(٣) ورواه بنحوه وبأطول منه الحاكم في المستدرك (٤/ ٥٨٦) وصححه ووافقه الذهبي، وانظر " الدرر المنثور "
للسيوطى (٣/ ٧٠). (ع).
(٤) " الفواكه الدواني شرح رسالة أبي زيد القيرواني " ج ١.
(٥) " تفسير روح المعاني " للآلوسي ج ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>