للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تَضِلوا بَعْدَهُ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - غَلَبَهُ الْوَجَعُ، وعِنْدَنَا كِتَابُ اللهِ حَسْبُنَا، فاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغْطُ، قَالَ: قُومُوا عَنِّي وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَنّاَزُعُ".

ــ

ونحوه لكي آمر بعض أصحابي بتحرير كتاب هام " لن تضلوا بعده " يعني لكي يكون هذا الكتاب هادياً لكم إلى الطريق القويم والصراط المستقيم، فلا تميلوا بعده عن جادة الحق ولا تنحرفوا عن منهج الصواب، والظاهر أنّ هذا الكتاب كان يتعلق بأمر الخلافة ومن يليها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعهد فيه لمن يكون بعده خليفة للمسلمين " قال عمر: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - غلبه الوجع " قال ابن الجوزي: إنما خاف عمر أن يكون ما يكتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حالة غلبة المرض عليه فيجد المنافقون سبباً إلى الطعن في ذلك المكتوب " وعندنا كتاب الله حسبنا " أي يكفينا كتاب الله، وإنما لم يتمم عمر هذا الكتاب لأمرين: أولهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد غلبه الوجع. وثانيهما: أنه رأى أن أمره - صلى الله عليه وسلم - هذا إنما كان توجيهاً وإرشاداً وليس على سبيل الوجوب.

قال ابن عباس رضي الله عنهما " فاختفوا وكثر اللغط " أي كثر الكلام وارتفعت الأصوات " قال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع " لأن حالته المرضية لم تعد تسمح له بسماع الكلام الكثير والضجيج والأصوات العالية.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: مشروعية كتابة العلم، لأن ما أراده النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - داخل في ذلك مهما كان مضمونه، سواء كان الكتاب في بيان بعض الأحكام الشرعية، أو في بيان أسماء الخلفاء من بعده. ثانياً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوصِ لأحد بالخلافة من بعده، ولم يوجد هناك أي نص أو وثيقة شرعية عهد فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحد أن يكون خليفة عنه بعد وفاته، وإنما تمت الخلافة لأبي بكر عن طريق الانتخاب والشورى وإجماع الصحابة على مبايعته بالخلافة،

<<  <  ج: ص:  >  >>