جَاءَ رَجُل إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ ما القِتالُ في سَبيلِ اللهِ؟ فَإِنَّ أحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضباً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، فَرَفَعَ إلَيْهِ رَأسَهُ، قَالَ: وما رَفَعَ إليه رأسَهُ إلَّا أنه كَانَ قائِمَاً فَقَالَ: مَنْ قَاتَل لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ في سَبِيل واللهِ".
ــ
إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله" أي ما هو الجهاد الصحيح الذي تُنَالُ به الشهادة والفوز بدار الكرامة " فإن أحدنا يقاتل غضباً ويقاتل حمية " أي فإن البعض يقاتل مدفوعاً بدافع الغضب والرغبة في الانتقام، ويريد أن يثأر من عدوه، والبعض يقاتل أنفةً وغيرة ودفاعاً عن قومه " فرفع إليه رأسه، قال: وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائماً " أي فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السائل رأسه متهيئاً لإجابته، لأن السائل كان قائماً " فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا " أي من كان غايته ونيته من قتاله أن تصبح كلمة التوحيد هي الكلمة النافذة في هذه الأرض التي لها سلطانها الذي لا يرد، وسيطرتها التي لا تحد " فهو في سبيل الله " أي فهو المجاهد الحقيقي الذي إن قتل نال الشهادة، وإن رجع رجع بأجر وغنيمة. الحديث: أخرجه الخمسة. والمطابقة: في قوله: إلا أنه كان قائماً.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن النية الصالحة شرط لقبول العمل عند الله، فالمقاتل لا ينال الشهادة، ولا يقبل قتاله إلاّ إذا قصد به نصرة الدين، والدفاع عن كلمة التوحيد. ثانياً: أنه يجوز أن يسأل السائل وهو قائم عالماً جالساً لقوله " فرفع إليه رأسه وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائماً " وهو ما ترجم له البخاري.