المحمدية ينادون يوم القيامة عند الحوض ليشربوا منه شربة لا يظمئون بعدها أبداً، وإنما ينادون أمام الناس تنويهاً بشأنهم، وإشادة بفضلهم " غراً محجلين من آثار الوضوء " والغرة في الأصل بياض في جبهة الفرس، والتحجيل بياض في قوائمه، وهما في محل نصب على الحال. " والمعنى " أنهم ينادون عند الحوض المورود، وقد أشرقت أنوار الوضوء على جباههم وأيديهم وأرجلهم تشريفاً وتكريماً لهم في ذلك الموقف العظيم " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " أي فمن تمكن من إسباغ الوضوء على المكاره، فليحرص على ذلك أشد الحرص، ليزيد من نوره يوم القيامة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: استحباب تطويل الغرة (١) وقد اختلف فيه أهل العلم فقال بعضهم: هو الزيادة على محل الفرض، بغسل ما فوق المرفقين والكعبين، وهو مذهب ابن عمر وأبي هريرة وبعض الشافعية. والجمهور على أن تطويل الغرة هو إسباغ الوضوء - أي إتقانه وإتمامه، وكرهوا الزيادة على محل الفرض. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ومن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم " ونقل ابن تيمية عن جمع من الحفاظ أن قوله " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته " مدرج من أبي هريرة، وكذلك أفاد كلام الحافظ ابن حجر في " الفتح ". ثانياً: فضل الوضوء، لأنّ هذه الأنوار التي تتلألأ على جباه المؤمنين وأيديهم وأرجلهم يوم القيامة إنما هي من آثار الوضوء كما نص عليه الحديث. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
والمطابقة: في كون الترجمة جزءاً من الحديث.
...
(١) لأنها سبب في تنوير جباه هذه الأمة وأيديهم وأرجلهم.