كل منهما بحديثين توفي بوادي القُرى سنة أربع وخمسين من الهجرة.
معنى الحديث: يقول أسامة رضي الله عنه: " دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة " أي أفاض من عرفة يوم حجة الوداع حتى إذا كان بالشعب، بكسر الشين وسكون العين وهو الطريق المعهودة للحاج كما أفاده القسطلاني " نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء " أي وإنما اقتصر فيه على غسل الأعضاء مرة واحدة، فخفف الوضوء لأنه لم يتوضأ للصلاة وإنما توضأ لاستدامة الطهارة " فقلت: الصلاة يا رسول الله " بالنصب على المفعولية أي أتريد الصلاة " قال: الصلاة أمامك " أي صلاة المغرب تصلى أمامك في المزدلفة " فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء " أي أتمه وأكمله "فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت صلاة العشاء فصلى ولم يصل بينهما" نافلة. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: استحباب اسباغ الوضوء، لأنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في المزدلفة، وهو سنته في أغلب أحيانه، ويجوز تخفيف الوضوء، لأنه قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشِّعْب (١). ثانياًً: مشروعية جمع المغرب والعشاء جمع تأخير في مزدلفة. والمطابقة: في قوله فتوضأ فأسبغ الوضوء.
(١) فدل ذلك على أن التخفيف جائز، الاسباغ مستحب لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خفف في الشعب لبيان الجواز، وأسبغ في مزدلفة لبيان الاستحباب.