للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَزَلَ فبَالَ ثمَّ تَوَضَّأ، وَلم يسبغ الْوضوءَ، فَقلْت: الصَّلَاةَ، يَا رَسولَ اللهِ، فَقَالَ: الصَّلَاة أمَامَكَ، فرَكِبَ، فلمَّا جَاءَ الْمزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأ، فأسْبَغ الْوضوءَ، ثمَّ أقيمَتِ الصَّلَاة، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثمَّ أناخَ كلُّ إنْسَان بَعيرَة في مَنْزِلِهِ ثم أقيمتِ العِشَاء، فصَلَّى وَلَمْ يصَلِّ بَيْنَهمَا".

ــ

كل منهما بحديثين توفي بوادي القُرى سنة أربع وخمسين من الهجرة.

معنى الحديث: يقول أسامة رضي الله عنه: " دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة " أي أفاض من عرفة يوم حجة الوداع حتى إذا كان بالشعب، بكسر الشين وسكون العين وهو الطريق المعهودة للحاج كما أفاده القسطلاني " نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء " أي وإنما اقتصر فيه على غسل الأعضاء مرة واحدة، فخفف الوضوء لأنه لم يتوضأ للصلاة وإنما توضأ لاستدامة الطهارة " فقلت: الصلاة يا رسول الله " بالنصب على المفعولية أي أتريد الصلاة " قال: الصلاة أمامك " أي صلاة المغرب تصلى أمامك في المزدلفة " فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء " أي أتمه وأكمله "فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت صلاة العشاء فصلى ولم يصل بينهما" نافلة. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: استحباب اسباغ الوضوء، لأنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في المزدلفة، وهو سنته في أغلب أحيانه، ويجوز تخفيف الوضوء، لأنه قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشِّعْب (١). ثانياًً: مشروعية جمع المغرب والعشاء جمع تأخير في مزدلفة. والمطابقة: في قوله فتوضأ فأسبغ الوضوء.


(١) فدل ذلك على أن التخفيف جائز، الاسباغ مستحب لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خفف في الشعب لبيان الجواز، وأسبغ في مزدلفة لبيان الاستحباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>