الوضوء" أي اجتهدوا في إتمام الوضوء، واحرصوا كل الحرص على غسل جميع الأعضاء غسلاً كاملاً، واستيعاب كل عضو منها بحيث يصيب الماء ذلك العضو كله من أوله إلى آخره، ولا يبقى شيء منه لا يمسه الماء، ولاحظوا المواضع التي لا يصل إليها الماء، وفي مقدمتها الأعقاب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوجب غسلها، وحذر من تركها دون غسل فقال - صلى الله عليه وسلم - " ويل للأعقاب من النار " أي العذاب الشديد يوم القيامة للذين لا يغسلون أعقابهم -عمداً- عند غسل أقدامهم وقيل: ويل اسم لوادٍ في جهنم والله أعلم. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن استيعاب الأعضاء المغسولة، وغسلها كلها من أولها إلى آخرها فرض من فروض الوضوء، فيجب غسل اليدين من رؤوس الأصابع إلى آخر المرفقين، وغسل الوجه من منابت الشعر إلى آخر الذقن، وغسل الرجلين من رؤوس الأصابع إلى آخر الكعبين فمن ترك شيئاً من العضو دون غسل، فقد ترك الفرض الذي عليه، لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - توعد الذين يتركون غسل أعقابهم عند غسل أقدامهم بالعذاب الشديد يوم القيامة، والعذاب لا يترتب إلاّ على ترك فرض، ولهذا قال الفقهاء: من ترك شيئاً من العضو المغسول عمداً ولم يغسله كله بطل وضوءه، لأنه ترك فرضاً.
ثانياً: ان ترك أي شيء من العضو المغسول في الوضوء عمداً كبيرة من الكبائر لأن هذا الوعيد لا يكون إلاّ لمن ارتكب كبيرة. والمطابقة: في قوله " ويل للأعقاب من النار " لأن هذا العقاب المترتب على ترك غسل الأعقاب يدل على وجوب غسلها، وهو ما ترجم له البخاري.