للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ، وإنَّ جَبينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقاً.

ــ

عنه" أي فينقطع عنه " وإن جبينه ليتفصد عرقاً " أي يسيل العرق من جبينه بغزارة شديدة، كما يسيل الدم من العِرْقِ المفصود. بسبب ما يكابده من شدة الكرب والمعاناة، وما يبذله من جهد أثناء نزول الوحي عليه، وقد وردت في وصف ما يعانيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عند نزول الوحي أحاديث كثيرة، ففي الحديث الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - كانت تأخذه عند الوحي الرحضاء " أي يتقاطر منه مثل عرق الحمى " وفي حديث عبادة بن الصامت " كان نبي الله إذا أنزل عليه كرب تربد وجهه " وهذه الشدة التي يعانيها مصداق قوله تعالى (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا) أي ثقيلاً عند تلقيه وحياً، والالتزام به عملاً ولكن هذه المشقة تهون وتزول متى تكرر نزول الوحي، فتذهب متاعبه ومشقته، وتبقى حلاوته وعذوبته. كما أفاده فضيلة الأستاذ الشعراوي في فتاويه (١) والله أعلم.

ويستفاد من الحديث ما يأتي:

أولاً: تنوع الوحي إلى أنواع مختلفة، فمن أنواعه: أن يسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوتاً مثل صوت الجرس أو دويّ النحل ومنها التقاء الملك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - متمثلاً في صورة إنسان من البشر يبلغه عن الله عز وجل ما شاء الله أن يبلغه له من أمر أو نهي أو خبر أو بشارة أو نذارة أو غيرها. وقد يلتقي به في سمع من الصحابة فيسأله ويُجيبُهُ ثم يعرفهم به - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " هذا جبريل جاء يعلمكم أمر دينكم " كما في حديث جبريل المشهور.

ثانياً: بيان ثقل الوحي وشدته على النبي - صلى الله عليه وسلم - سيما ما كان منه مثل صلصلة الجرس.


(١) الفتاوى لفضيلة الأستاذ الشعراوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>