فَأمَّا أنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وأمَّا أنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا " فَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الأرْضَ، ونَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْههُ وَكفَّيْهِ.
ــ
رجلاً قال لعمر رضي الله عنه: ربما نمكث الشهر والشهرين فتصيبنا الجنابة ولا ماء ثمةَ أفنتيمَّم؟ فقال له عمر: أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء " أخرجه أبو داود والنسائي. فقال له عمار: " أما تذكر أنّا كنا في سفر " أي أما تذكر أنا كنا معاً في سفر فأصابتنا جنابة، وليس معنا ماء فأدركَتْنَا الصلاة ولم نجد ما نغتسل به، فاختلفنا فيما نفعل إزاء الصلاة " فأما أنت يا عمر فلم تصَل " لأنك لم تجد ماءً تتطهر به من الجنابة " وأما أنا فتمعكت " أي وأما أنا فهداني الله تعالى إلى عمل آخر يقوم مقام الغسل وهو التيمم، فتيممت بدلاً عن الغسل، فمرغت جسمي كله بالتراب ظناً مني أن صفة التيمم كصفة الغسل تماماً، وأنه كما يعمم المغتسل جسمه بالماء، كذلك يجب على المتيمم أن يعمم جسمه كله بالتراب، وإنما عملت باجتهادي لعدم وجود نص شرعي في التيمم، ولذلك اجتهدت رأيي. " فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما كان يكفيك هكذا " أي إنما كان يكفيك في التيمم أن تقتصر على هذه الكيفية التي أبينها لك عملياً " ضرب بكفيه الأرض فنفخ فيهما " أي فنفخ في كفيه تخفيفاً للتراب الذي علق بهما " ثم مسح بهما وجهه وكفيه " إلى الكوعين.
الحديث: أخرجه الخمسة غير ابن ماجة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن التيمم ضربة واحدة فقط للوجه والكفين، وهو مذهب أحمد ومكحول وعطاء، قال ابن قدامة في العمدة (١): وصفته أن يضرب بيديه على الصعيد ضربة واحدة، فيمسح بهما وجهه