للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُذْكَرُ أن عَمْرو بْنَ الْعَاصِ أجنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَتَيَمَّمَ وَتَلَا (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فَذَكَرَ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّف.

ــ

خاف أن يحدث له من الماء ضرر في نفسه إما بحدوث مرض متلف، أو موت محقق أو عطش بأن لا يكون لديه إلاّ قليل من الماء، فإذا اغتسل به عطش ولم يجد غيره، فإنه يجوز له التيمم في هذه الحالات، ولو مع وجود الماء لفقده القدرة على استعماله.

١٩٧ - معنى الحديث: أن البخاري رحمه الله يروي هذا الحديث عن عمرو بن العاص معلقاً بدون سند (١) فيقول: " ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة " أي أصابته الجنابة في غزوة ذات السلاسل بسبب الاحتلام وكان ذلك في ليلة باردة شديدة البرد، فخاف على نفسه إن هو اغتسل بالماء البارد في هذا البرد القارس أن يصيبه المرض لا محالة، أو يهلك برودة الماء " فتيمم " بدل أن يغتسل خوفاً على نفسه من المرض أو الموت، وصلّى بالصحابة صلاة الصبح " وتلا (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) أي وقرأ قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) بارتكاب ما يؤدي إلى هلاكها (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) ولذلك فإنه لم يكلفهم ما لا يطيقون، واستدل عمرو بهذه الآية على أنه يجوز له في هذه الحالة التيمم بدلاً عن الغسل وقاية لنفسه من الهلاك، لأن الله تعالى يقول: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) " فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - " أي فذكر عمرو ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بما حدث له، ورُوي بضم الذال، أي فذكر ذلك الصحابة للنبي


(١) وقد رواه موصولاً أبو داود في سننه، كما أخرجه الحاكم وابن حبان والبيهقي، وحسنه المنذري كما في المنهل العذب ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>