للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: في هذا الحديث صفة من الصفات الإلهية التي وصف بها الرسول ربه عز وجل، وجاءت في الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول، فوجب الإيمان بها. وهي صفة القرب الإِلهي التي وصف بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه في قوله - صلى الله عليه وسلم - " فإن الله تعالى قبل وجهه " فأثبت - صلى الله عليه وسلم - أن الله قريب من عبده الذي يصلي (١) على الوجه الذي يليق بعظمته وجلاله، مع كونه فوق عرشه. قال ابن تيمية: " وكذلك العبد إذا قام يصلي فإنه يستقبل ربه، وهو فوقه، فيدعوه من تلقائه، لا عن يمينه ولا عن شماله، ويدعوه من العلو لا من السفل " (٢) قالأ في " التنبيهات السنية ": " وقد نزع بهذا الحديث بعض المعتزلة إلى أن الله في كل مكان بذاته " وهو جهل فاضح، والأدلة المتواترة تردُّ ذلك وتفيد علو الله واستواءه على عرشه.

ثانياً: أنه يندب للمصلي أن يستحضر قربه سبحانه وتعالى منه أثناء الصلاة، وفي كل عبادة من عباداته الشرعية، فإنّ ذلك هو مقام الإِحسان الذي يوجب الخشية والخوف من الله تعالى، ويدعو إلى إتمام العبادة، واتقان العمل، لأنه يستشعر أنه قائم أمام ربه، يستقبله ويتوجه إليه، ويراه كما قال - صلى الله عليه وسلم - "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك". ثالثاً: جواز البصاق أثناء الصلاة. ولكن بشرطين: " الأول " أن يكون خارج المسجد، أما البصاق في المسجد فلا يجوز بحال من الأحوال لقوله - صلى الله عليه وسلم - " البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها " فهذا الحديث مخصِّص لمفهوم حديث الباب، ومنطوق الأحاديث الأخرى. " الثاني " أن لا يبصق إلى جهة القبلة فإن البصاق إليها حرام مطلقاً سواء كان في المسجد أو خارج المسجد لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب: " فلا يبصق قبل وجهه ": وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتَفْله بين عينيه " أخرجه ابن خزيمة وابن حبان من حديث حذيفة، وفي الحديث عن السائب بن خلاد أن رجلاً أم قوماً فبصق في القبلة. فلما


(١) " المنحة الإلهية شرح العقيدة الواسطية " للأستاذ على مصطفى الغرابي.
(٢) " التنبيهات السنية شرح العقيدة الواسطية " للشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>