للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُصَلِّي في مَرَابِض الْغَنَمِ، وَأنَّهُ أمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسجِدِ، فأرْسَلَ إلى مَلَأٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: يَا بني النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائطِكُمْ هَذَا، قَالُوا: لا واللهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلَّا إلَى اللهِ تَعَالى، قَالَ أنَسُ: فَكَانَ فِيهِ مَا أقُولُ لَكُمْ: قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وفِيهِ خَرِب، وفِيهِ نَخْلٌ، فَأمرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقُبُورِ الْمُشركِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بالْخَرِبِ فسُوِّيَتْ، وبالنَّخْل فَقُطِعَ، فَصَفُّوا الْنَخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وهم يرتجزون، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ:

" اللَّهُمَّ لا خَيْرَ إلَّا خَيْرُ الآخِرَةِ ... فَاغْفِرْ لِلأنصَارِ والْمُهَاجِرَة "

ــ

- صلى الله عليه وسلم - على راحلته وأبو بكر رضي الله عنه ردفه " أي راكب خلفه " حتى ألقى بفناء أبي أيوب " حيث بركت ناقته عند باب داره، فنزل بها، وأقام فيها أكثر من سبعة أشهر " (١) كما أفاده الاستاذ الأنصاري " وأنه أمر ببناء المسجد " أي أمر ببناء مسجده الشريف " فقال يا بني النجار ثامنوني بحائطكم " أي اذكروا لي ثمنه لأني أريد شراءه منكم " فقالوا: والله لا نطلب ثمنه إلاّ إلى الله تعالى " أي لا نأخذ منك مالاً، وإنما نطلب عليه الأجر من الله تعالى وكان لغلامين من الأنصار فاشتراه منهما " وفيه خرب " بفتح الخاء وكسر الراء جمع خربة مثل كَلِم وكلمة أي آثار أبنية قديمة متساقطة " فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبور المشركين فنبشت " أي فأخرج ما فيها من الرمم البالية " ثم بالخرب فسوّيت " أي أزيلت تلك الأطلال المتبقية من آثار المنازل والديار، حتى سويت بالأرض " وبالنخل فقطع، فصفوا النخل قبلة المسجد " أي فجعلوا جذوع النخل أعمدة للرواق القبلي من المسجد، وسقفوه بالجريد


(١) آثار المدينة للأستاذ عبد القدوس الأنصاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>