للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فأسْلَمَتْ، قَالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: فكانَ لَهَا خِبَاء في الْمَسْجِدِ أو حِفْش، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأتِيني، فَتَحَدَّثُ عِنْدِي، فَلَا تَجلِسُ عِنْدي مَجْلِساً إلَّا قَالَتْ:

وَيَوْمَ الْوِشَاحِ مِنْ أعَاجِيبِ رَبِّنَا ... ألَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أنْجَانِي

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: مَا شَأنُكِ، لا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَداً إلَّا قُلْتِ هَذَا؟ قَالَتْ: فَحَدَّثَتْنِي بهذَا الْحَدِيثِ.

ــ

عائشة رضي الله عنها: فكان لها خباء" بكسر الخاء وفتح الباء المخففة، أي خيمة من وبر أو صوف " في المسجد " أي وكانت الخيمة منصوبة في المسجد " أو حفش " وهو البيت الصغير " قالت: فلا تجلس ضدي مجلساً إلاّ وقالت: وَيَوْمَ الوِشَاحِ مِنْ أعَاجيب رَبِّنَا ... إلخ " أي كانت الفتنة التي تعرضت لها من إيذائها واتهامها سبباً في إسلامها وهجرتها، وكان الوشاح سبباً في نجاتها، وكان يوم الوشاح من الأعاجيب، لأن ما وقع فيه من اختطاف الحدأة للوشاح، واتهامها به كان من أعاجيب الزمان، وغرائب الأيام وكان من نعم الله عليها حيث كان نقطة تحول في حياتها من شقاء إلى سعادة، وسبباً في إسلامها، وهجرتها من دار الكفر إلى دار الإِيمان على حد المثل القائل " رب ضارة نافعة ".

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: جواز نوم المرأة في المسجد، كما ترجم له البخاري لقول عائشة رضي الله عنها: " فكان لها خباء في المسجد " وذلك يقتضي أن هذه الأمة السوداء كانت تبيت في المسجد وتنام فيه، وقد أقرها - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وإقراره حجة شرعيّة فدل على جوازه، إلا أن ذلك مشروط بأمن الفتنة، وقد كانت تلك الأمة عجوز شمطاء لا مطمع فيها للرجال، قال

<<  <  ج: ص:  >  >>