فقه الحديث دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: فضل تنظيف المسجد والقائمين به وعلو منزلتهم، حتى أن بعض أهل العلم جعل صلاته - صلى الله عليه وسلم - على قبر هذه المرأة خصوصية لها مقابل خدمتها للمسجد، وعنايتها بحرمه الشريف، وفي الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوىء أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن " رواه مسلم. فإذا كانت القذاة وهي ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو وسخ قليل جداً يؤجر العبد على إخراجه من المسجد، فكيف بمن يكنسه وينظفه، ولهذا قال ابن رسلان: فيه ترغيب في تنظيف المساجد مما يحصل فيها من القمامات القليلة، فإنّها كتب في أجورهم، وتعرض على نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، وإذا كتب هذا القليل وعُرِض، فإنه يكتب الكبير ويعرض بالأولى، ففيه تنبيه بالأدنى على الأعلى. وقال ابن بطال في شرح حديث الباب: وفي هذا الحديث الحض على كنس المساجد وتنظيفها، لأنه إنّما خصها بالصلاة عليها بعد دفنها من أجل ذلك. ثانياًً: مشروعية صلاة الجنازة على القبر لمن لم يكن صلى على تلك الجنازة اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وعملاً بسنته، وهو قول الجمهور: إلا أنهم اختلفوا في المدة التي يصلّى عليه فيها، فقال الشافعية: يصلى عليه إلى ثلاثة أيام وقالت الحنابلة: إلى شهر وقالت الحنفية: يصلى عليه ما لم يغلب على الظن أنّه تفسخ، وقالت المالكية: يصلى عليه ما لم يُظن فناؤة. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي. والمطابقة: في قوله: " كانت تقم المسجد ".