للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ يَعْلَمُ أحَدُهُمْ أنه يَجِدُ عَرْقَاً سَمِيناً أو مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ".

ــ

بالنساء والأطفال الموجودين في البيوت، كما جاء في رواية أخرى أنه قال: " ولولا ما في البيوت من النساء والذريّة لأقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون " أخرجه أحمد، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: " والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً " بفتح العين وسكون الراء " سميناً "، أي لو يعلم أحد هؤلاء أنه يجد في المسجد عظماً عليه شيء من اللحم والشحم ولو يسيراً " أو مرماتين حسنتين "، يعني أو سهمين جيدين " لشهد العشاء " أي لحضر صلاة العشاء لأنّه لا يهمه إلاّ العرض الدنيوي ولو كان يسيراً.

ويستفاد منه: تأكيد الأمر بصلاة الجماعة، واستدل به البخاري وبعض أهل العلم على وجوبها. واختلف الفقهاء في حكمها على أربعة أقوال: الأول: أنها شرط في صحة الصلاة، وأن صلاة المنفرد باطلة، وهو مذهب داود الظاهري ويشترط فيها المسجد، لحديث: " لا صلاة لجار المسجد، إلاّ في المسجد ". الثاني: أنها فرض عين، فتصح صلاة المنفرد مع الإِثم، ولا يشترط فيها المسجد لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " جعلت لي الأرض طيبة طهوراً ومسجداً " فأيما رجل أدركته الصلاة صلَّى حيث كان " متفق عليه، وأما حديث: " لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد " فهو من قول على رضي الله عنه كما أفاده ابن قدامة، وبهذا قال إسحاق وعطاء والأوزاعي وأحمد. الثالث: أنها فرض كفاية لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ما من ثلاثة في قرية، أو بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان " أخرجه أبو داود، وهو ظاهر قول الشافعي وبعض المالكية، وصححه النووي في " المنهاج ". الرابع: أن الجماعة سنة مؤكدة، وهو قول الجمهور ومشهور مذهب مالك وأبي حنيفة وقول للشافعيّة. قال الشوكاني (١): وهو أعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب (٢)، واستدلوا على عدم


(١) " نيل الأوطار " للشوكاني.
(٢) لكن حديث الأعمى الذي لم يرخص له - صلى الله عليه وسلم - في التخلف عنها يدل على وجوبها. المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>