عبد الله بن بحينة نفسه؟ جاء مصرحاً به في رواية أحمد أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ به وهو يصلي ... إلخ ويحتمل أنه ابن عباس رضي الله عنهما لما روى عنه أنه قال: كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة فجذبني النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال:" أتصلي الصبح أربعاً ". الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: ما ترجم له البخاري من أنه " إذا أقيمت ْالصلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة "، وقد جاء الحديث بهذا اللفظ نفسه في بقية الصحاح الخمسة، ولم يخرجه البخاري لاختلافهم في رفعه ووقفه، ولهذا اكتفى عنه بحديث عبد الله بن بحينة وهو مثله في معناه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر عليه صلاة النافلة بعد قيام الجماعة قائلاً:" آلصبح أربعاً "، وهذا يدل على أنّه لا يجوز البدء في النافلة مطلقاً، سواء كانت تحية المسجد أو غيرها أثناء الإقامة أو بعدها. لأن ذلك يؤدي إلى إعطاء الصلاة المفروضة صورة أخرى غير صورتها، ولا خلاف عند أهل العلم في أنّه لا يجوز ذلك إلاّ إذا عقد ركعة من النافلة قبل الإِقامة فإنه يتمها. ثانياًً: ذهب أهل الظاهر إلى أنّه إذا أقيمت الصلاة وهو في صلاة بطلت صلاته عملاً بظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة " حيث حملوا النفى على نفي صحة الصلاة، والجمهور على أنّه لا تبطل صلاته، وأن المراد به نفي كمال الصلاة، ويحتمل أن يكون النفي بمعنى النهي أي لا تشرعوا في صلاة غير المكتوبة عند إقامتها. والمطابقة: في قوله: " آلصبح أربعاً ".
تنبيهان: الأول: ذكرنا فيما يستفاد من الحديث أن قول البخاري: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة " هو لفظ حديث صحيح أخرجه مسلم، وتلك عادة البخاري، إذا وقف على حديث ليس على شرطه، ترجم به، وأخرج غيره، ولم يخرجه، ليشير بذلك إلى وجوده (١)، وذلك من لطائف البخاري. الثاني: قد يستدل بعضهم على مشروعية تحية المسجد عنْد الإِقامة
(١) وكأنه يقول للقارىء يوجد حديث بهذا النص ولكنني لم أخرجه لأنه ليس على شرطي.