صَلَاِتهِمْ" فاشْتَدَّ قَوْلُهُ في ذَلِكَ حتَّى قَالَ: " لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أو لتخْطَفَنَّ أبْصَارُهُمْ ".
ــ
في صلاتهم" أي كيف يجرؤ بعض الرجال على العبث في الصلاة، فيرفعون فيها أبصارهم، وهو أمر ينافي السكينة والوقار والخشوع في الصلاة، فإن من خشع قلبه سكنت جوارحه، والعكس بالعكس، ولم يعين النبي - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء، لئلا يستفزهم فلا يستفيدوا من الموعظة، ولأن التلميح أبلغ من التصريح، " فاشتد قوله في ذلك " أي فبالغ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإِنذار والوعيد " حتى قال: ليَنتهُن " بفتح الياء وضم الهاء على البناء للفاعل، أو بضم الياء والهاء على البناء للمفعول وهو جواب قسم محذوف، واللام فيه للتأكيد، كما أفاده العيني " أو لتخطفن " بضم التاء، كما أفاده القسطلاني " أبصارهم " أي حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقسم بالله تعالى على أنه إما أن ينتهي هؤلاء العابثون عن رفع أبصارهم في الصلاة، أو يخطف الله منهم أبصارهم، ويأخذها بسرعة وفجأة فلا يشعرون إلاّ وقد فقدوا حاسة البصر جزاءً لهم على استهانتهم بالصلاة. الحديث: أخرجه أيضاً أبو داود والنسائي. والمطابقة: في قوله: " ما بال أقوام يرفعون أبصارهم ".
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: تحريم رفع البصر عمداً في أثناء الصلاة لغير حاجة، لأن هذا الوعيد الذي يأخذ بالبصر لا يكون إلاّ على ارتكاب معصية، وذلك لأنه ينافي الخشوع في الصلاة، ولهذا قال ابن حزم: رفع البصر يفسد الصلاة، أما جمهور أهل العلم فإنّهم كرهوا ذلك، إلاّ أنه لا يفسد الصلاة عندهم. أما تغميض العين فقد كرهه الحنفيَّةُ، وقال مالك: لا بأس به، وقال النووي: المختار أنه لا يكره. ثانياًً: أن من آداب النصيحة في المجالس العامة عدم التعيين أو توجيه الخطاب المباشر لما فيه من الاستفزاز المؤدي إلى عدم قبول النصيحة وإنما يتكلم عن الموضوع بصفة عامة كما فعل النبي