مَا هَذَا الذي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فانْصَرَفَ أولئِكَ الذين تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ بِنَخْلَة عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بأصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا: هَذَا وَاللهِ الذي حالَ بَيْنَكُمْ وبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجِعُوا إلى قَوْمهِمْ فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) فأنزلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) وإنَّمَا أوْحِيَ إليْهِ قَوْلُ الجِنِّ.
بينهم وبين الصعود إلى السماء، فلما رأوا ذلك " قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء " أي ما منعكم من الاستماع إلى حديث الملائكة، واختطاف الأخبار منهم إلا أمر جديد وحادث عظيم وقع في هذا العالم " فأضربوا مشارق الأرض ومغاربها " أي فسيروا في الأرض شرقاً وغرباً لاكتشاف سبب ذلك.
وروي أن النجوم لما بدأت ترميهم بالشهب، ولم تكن تفعل ذلك من قبل ذكروا ذلك لِإبليس فقال لهم: ما هذا إلاّ من أمر قد حدث، فبعث جنوده في كل مكان من الأرض " فانصرف أولئك " الجن " الذين توجهوا نحو تهامة " وهي ما انخفض من أرض الحجاز " إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - " فوجدوه مصادفة " بنخلة " بين مكة والطائف على بعد ليلة من الطائف، أي على بعد عشرة أميال منها " وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر " أي وكان يصلي صلاة الفجر ويقرأ القرآن جهراً فسمعه هؤلاء الجن " فلما سعوا القرآن فهنالك حين رجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا، إنّا سمعنا قرآناً عجباً " أي فعند ذلك آمنوا، وذهبوا إلى قومهمٍ مبشرين بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهم يقولون: يا قومنا إنّا سمعنا قرآناً عجباً، أي عجيباً في ألفاظه غريباً في معانيه، خارجاً عن مقدور البشر " يهدي إلى الرشد " أي إلى الدين الحق الخ " وإنما الذي أوحى إليه " في أول سورة