صَعِدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمِنْبَرَ وَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ، مُتَعَطِّفاً مِلْحَفَةً عَلَى مَنْكِبَيْهِ، قَدْ عَصَبَ رَأسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسِمَةٍ، فَحَمِدَ اللهَ وأثنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أيّهَا النَّاسُ إِلَيَّ، فَثَابُوا إِلَيْهِ (١)، ثُمَّ قَالَ: أما بَعْدُ: فَإِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الإِنْصَارِ يَقِلُّونَ ويَكْثُرُ النَّاسُ، فَمَنْ وَليَ شَيْئَاً مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَطَاعَ أنْ يَضُرَّ فيهِ أحَدَاً، أو يَنْفَعَ فِيهِ أحدَاً، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئهِمْ.
ــ
مقدمة الخطبة وموضوعها، لأنها فصل الخطاب. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود أيضاً. والمطابقة: في قوله: " ثم قال: أما بعد ".
٤١١ - معنى الحديث: يحدثنا ابن عباس رضي الله عنهما: هنا حديثاً في حق الأنصار سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر حياته عندما خرج إلى الناس أثناء مرضه فيقول:" صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر، وكان آخر مجلس جلسه " على المنبر في حياته " متعطفاً بملحفة " أي: مرتدياً إزاراً كبيراً " قد عصب رأسه بعصابة في دسمة "(بكسر السين) أي بعصابة سوداء، " فحمد الله وأثنى عيه ثم قآل: أيها الناس إليَّ " أي اجتمعوا إليَّ واقتربوا مني، " ثم قال أمّا بعد فإن هذا الحي من الأنصار " أي من الأوس والخزرج " يقلون " لكثرة من يستشهد منهم في الحروب الإسلامية كحرب مسيلمة الكذاب وغيره، " فمن ولي شيئاً من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - " أي فمن ولي منكم الإمارة أو القضاء أو الشرطة " فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم " أي فليكافىء المحسن، ويعفو عن المسيء. الحديث: أخرجه أيضاً الترمذي. والمطابقة: في قوله: " ثم قال أمّا بعد ".