للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثُر عِنْدَه الصَّخَبُ وارْتَفَعَتِ الْأصْوَاتُ، وأخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لأصْحَابِي: لَقَدْ أمِرَ أمْرُ ابْنِ أبي كَبْشَة إنَّهُ يَخَافهُ مَلِكُ بني الأصْفَر، فما زِلْتُ مُوقِنَاً أنه سَيَظْهَرُ حتى أدْخَلَ اللهُ عليَّ الإسْلامَ، وكانَ ابْنُ الناطُور صَاحِبُ (١) إيليَاء وَهِرَقْلَ، أسْقِفَ على نَصَارَى الشَّامِ، يُحَدِّثُ أنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إيلياء أصْبَحَ خبيثَ النَّفْس، فقالَ لَهُ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قد اسْتَنْكَرْنَا هَيئتَكَ، قَالَ ابْنُ النَّاطُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظرٌ في النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَالوهُ: إِنى رَأيت اللَّيْلَةَ حِيْنَ نَظرتُ فِي النُّجُومِ، أن مَلِكَ (٢) الخِتَانِ

ــ

واعلم أنه إلى هنا ينتهي الجزء الأول من الحديث الذي يرويه أبو سفيان ويبدأ الجزء الثاني منه الذي يرويه الزهري فيقول: " وكان ابن الناطور صاحب إيلياء وهرقل أسقف على نصارى الشام " أي، وكان ابن الناطور وهو أمير بيت المقدس وصديق هرقل رئيساً للديانة المسيحية بالشام " يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح خبيث النفس " أي قلقاً مهموماً " فقال له بعض بطارقته " أي قواده: " قد استنكرنا هيئتك "!! أي لاحظنا عليك تغير وجهك، مما يدل على معاناتك لبعض الهموم النفسية " قال ابن الناطور: وكان هرقل حزاء: ينظر إلى النجوم " أي ينظر إليها، فيستدل بها في زعمه على ما يقع في المستقبل أو في الحال، والحَّزاء: الكاهن المنجم، " فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم أن مَلِكَ الختان قد ظهر " أي عرفت من النجوم أن مَلِكَ الأمّة التي تختتن قد ظهر، "فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا ليس يختتن إلاّ اليهود، فلا يهمنك شأنهم" لأنّهم لا دولة لهم ولا صولة، "واكتب إلى مدائن ملكك فيقتلوا من فيهم من


(١) ويجوز في صاحب الرفع على أنه خبر مبتدأ، أي وهو صاحب إيلياء، والنصب على الاختصاص.
(٢) " مَلِكَ " قال القسطلاني بفتح الميم وكسر اللام، ولغير الكشميهي " مُلْك " بالضم والإسكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>