إِلَيهَا حَتَّى مَا بَقِىَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا اثنا عَشَرَ رَجُلاً، فنزَلَتْ هذه الآيةُ (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا). ــ
مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبلت عير تحمل طعاماً" أي لم يشعروا وهم يصلون الجمعة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلاّ وقد وصلت إلى المدينة قافلة تجارية، تحمل بعض السلع التموينية من حبوب وحبوب وزيوتٍ ونحوها (١)، " فالتفتوا إليها " فتركوا الصلاة، وانصرفوا إليها. " حتى ما بقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلاّ اثنا عشر رجلاً " قال الحافظ: واتفقت الروايات كلُّها على اثني عشر رجلاً، إلاّ ما رواه علي بن أبي عاصم، فقال: " إلاّ أربعين رجلاً " أخرجه الدارقطني، وعلي بن أبي عاصم، ضعيف. " فنزلت هذه الآية (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا) " أي وإذا رأوا قافلة تجارية، وشاهدوا الطبول تبشر بها، (انْفَضُّوا إِلَيْهَا) أي انصرفوا إليها (وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) في صلاة الجمعة وحولك القليل، ومنهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أنه لا يشترط في صحة صلاة الجمعة استمرار العدد الذي تنعقد به إلى آخر الصلاة. فإذا نفر الناس عن الإمام أثناءها فإنه يتمها بمن معه، وصلاتهم صحيحة، وهو مذهب محمد وأبي يوسف، وإن بقي وحده، وبه قال المزني من الشافعية. وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنهم إذا تفرقوا بعد الافتتاح وقبل الركوع جعلها ظهراً، أمّا إذا تفرقوا بعد الركوع، فقال سحنون: يتمها ظهراً، أو يجعلها نافلة، وقال أشهب: يتمها جمعة.
وقال أحمد والشافعي يتمها ظهراً متى نقص العدد عن الأربعين، سواء انفضوا قبل الركوع أو بعده. ثانياً: استدل به مالك على أن أقل ما تنعقد به الجمعة