النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وأنَّهُ نَبِي، فَأذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَماءِ الرُّومِ في دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ ثُمَّ أمَرَ بابوابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ: اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ في الْفَلَاح والرُّشْدِ، وأن يَثْبُت مُلْكُكُمْ، فَتُبايِعُوا هَذَا الرَّجُلَ، فحاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إلى الأْبوابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رأى هِرَقْلُ نَفْرَتَهمْ، وِإيس من الإِيمان، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إنِّى قُلْتُ مَقَالَتي آنِفَاً أخْتَبِرُ بِها شِدَّتَكُمْ على دِيْنكُمْ، فَقَدْ رأيتُ، فسجدوا له، ورَضُوا عَنْهُ، فكانَ ذلِكَ آخِرَ شَأنِ هِرَقْلَ.
ــ
أي لم يكد يصل إليها " حتى أتاه كتاب من صاحبه " في رومِيَّةَ، وكان أسقف روما " يوافق رأي هرقل على خروج النبي وأنه نبي " أي على ظهور النبي الذي بشر به عيسى وأن محمداً هو النبي المبشر به، " فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص " أيْ فأعلن هرقل لعظماء دولته عن عقد اجتماع في قصر عظيم بحمص، لكي يلقي فيهم خطاباً هاماً، " ثم أمر بأبوابها فغلّقت " أي دخل جناحاً خاصاً أغلق أبوابه عليه "ثم اطلع" أي أطل عليهم من الشرفة " فقال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح "، أي هل ترغبون في الفوز والظفر، " والرشد " بفتحتين، أو بضم الراء وتسكين الشين، وهو إصابة الحق عقيدة وقولاً وعملاً، " وأن يثبت ملككم " أي يبقى ويدوم لكم، " فتبايعوا هذا الرجل " أي تعاهدوا محمداً على الإسلام، " فحاصوا حيصة حمر الوحش " أي ثاروا ثورة الحمر الوحشيه، " إلى الأبواب " أي: وهجموا على الأبواب يريدون الوصول إليه ليفتكوا به " فوجدوها قد غلقت فلما رأى هرقل نفرتهم " أي فلما رأى نفورهم من الإِسلام وثورتهم العنيفة عليه "وايس من الإيمان قال: ردوهم علي" أي قال لجنده: ردوهم عني " وقال إني قلت مقالتي آنفاً " أني قلت كلامي الذي قلته لكم الآن " أختبر شدتكم