مِنَ الْمُشْرِكِينَ دُونَ أولَئِكَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ الله عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -" شَهْراً يَدْعُو عَلَيْهِمْ.
ــ
أنّه ابن سيرين، كما أفاده العيني " أخبر عنك أنك قلت بعد الركوع، قال: كذب "، أي أخطأ في فهمه إن روى لك أن القنوت دائماً بعد الركوع " إنما قنت بعد الركوع شهراً " أي إنما كان قنوته - صلى الله عليه وسلم - بعد الركوع مدة محدودة، وزمناً قليلاً لا يتجاوز الشهر، وفي أحوال استثنائية، وعند النوازل، ثم بين سبب قنوته بعد الركوع، وقال: " بعث قوماً يقال لهم: القراء زهاء سبعين " أي يقارب عددهم سبعين رجلاً " إلى قوم من المشركين دون أولئك "، أي وكان عددهم أقل من المبعوث إليهم وإنما أرسلهم إليهم ليعلموهم القرآن، وأحكام الإسلام، " وكان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد " فنقضوا العهد وغدروا بأولئك القراء وقتلوهم. " فقنت رسول الله شهراً يدعو عليهم "، أي يدعو على أولئك الغادرين من رَعلٍ وذكوان ثلاثين صباحاً.
الحديث: أخرجه الشيخان.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: استدل به المالكية والحنفية على أن القنوت قبل الركوع، لأن أنساً لما سئل عن القنوت قبل الركوع أو بعده قال: قبله، كما في حديث الباب. وذهبت الشافعية والحنابلة (١) إلى أن القنوت بعد الركوع واستدلوا على ذلك بحديث ابن مسعود " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت بعد الركوع "، أخرجه مسلم. ومما يدل على أن القنوت بعد الركوع حديث علي أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في آخر وتره: "اللهم إني أعوذ برضاك
(١) واختلفوا هل هو في صلاة الصبح أو في الوتر؟ فذهب مالك والشافعي إلى أنه في صلاة الصبح، وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنه في الوتر. قال الترمذي: واختلف أهل العلم في القنوت فرأى عبد الله، بن مسعود القنوت في الوتر في السنة كلها قبل الركوع، وبه يقول سفيان الثورى وابن المبارك وإسحاق وأهل الكوفة، وهو قول أبي حنيفة. وذهب الشافعي إلى أن القنوت سنّة في الصبح بعد الركوع، وكذلك يرى مالك القنوت في الصبح إلا أنه قبل الركوع. قال خليل: " وَقنوت سِراً بِصبحٍ فَقَطْ قَبلَ الركُوْعِ " أي أن القنوت مستحب في صلاة الصبح، كما أفاده الحطاب.