للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّياً إلاّ رَأيتَهُ، ولا نَائِمَاً إلاّ رَأيْتَهُ".

ــ

- صلى الله عليه وسلم - يفطر من الشهر حتي نظن أنه لا يصوم ويصوم حتى نظن أنه لا يفطر " وفي رواية أبي داود عن ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - " كان يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم ". والمعنى: " أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صام صيام التطوع تابع الصيام حتى نظن أنه لا يفطر، وإذا أفطر تابع الإِفطار حتى نظن أنه لا يصوم. هكذا كانت حالته - صلى الله عليه وسلم - في سائر شهور السنة، فقد يصوم من الشهر أياماً كثيرة جداً، حتى يخيل لأصحابه أنه سيستكمل الشهر كله، لكنه لا يستكمل الشهر كله صائماً، كما قالت عائشة رضي الله عنها: " وما صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهراً كاملاً إلاّ رمضان " أخرجه الترمذي وذلك لئلا يظن وجوبه، كما أفاده النووي. " وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إلّا رأيته، ولا نائماً إلاّ رأيته " أي وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يتقيد في النوافل الليلية غير الراتبة (١) بوقت معين. بل يأتي بها تارة في أول الليل، وتارة في وسطه، وتارة في آخره، بحيث لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إلا رأيته، ولا نائماً إلّا رأيته. قال الحافظ: " أي من أراد أن يراه في وقت من أوقات الليل قائماً فراقبه المرة بعد المرة، فلا بد أن يراه على وفق. ما أراد أن يراه، وكذلك من أراد أن يراه نائماً، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يستوعب الليل كله قائماً. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي بألفاظ.

فقه الحديث: دل الحديث على ما يأتي: أولاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتقيد في النوافل الليلية الزائدة على صلاة الليل بوقت محدد وهو ما ترجم له البخاري. ثانياًً: أنه يكره قيام الليل كله، لأنه خلاف سنته - صلى الله عليه وسلم -.

والمطابقة: في قوله: " وكنت لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إلاّ رأيته ".


(١) ويقصد بالنوافل الليلية الراتبة ما كان يواظب عليه - صلى الله عليه وسلم - من القيام بإحدى عشرة ركعة فإن لهذه وقتاً معيناً من الليل من بعد منتصف الليل، أما غيرها فليس له وقت محدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>