إِنْا كُنَّا لِنَتَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُكَلِّمُ أحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِه حَتَّى نَزَلَتْ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ.
ــ
٤٩٠ - معنى الحديث: يقول زيد بن أرقم رضي الله عنه " إن كنا لنتكلم في الصلاة " أي إن أحدنا يكلم صاحبه على قدر الحاجة كما يظهر من سياق الحديث، وكما أفاده الحافظ، " حتى نزلت (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) " أي قوموا في صلاتكم ساكتين عن الكلام الدنيوي الذي لا يتعلق بمصلحة الصلاة، قال زيد بن أرقم، " فأمرنا بالسكوت "، ونهينا عن الكلام في الصلاة. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي. والمطابقة: في قوله: " فأمرنا بالسكوت ".
فقه الحديثين: دل الحديثان على ما يأتي: أولاً: تحريم الكلام في الصلاة لغير مصلحة الصلاة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الأول لم يرد السلام فقال:" إن في الصلاة الشغلاً " أي مانعاً من الكلام ولأنه في الحديث الثاني أمرنا بالسكوت. لمّا نزل قوله تعالى:(وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ). ثانياًً: أن الكلام لغير مصلحة الصلاة يفسد الصلاة لأن النهي عن الشيء يقتضي فساده، ولا خلاف في أن من تكلم عمداً بطلت صلاته، وقال مالك والشافعي: إذا تكلم يسيراً لا تبطل، وعن أحمد إن نسى أنه في صلاة روايتان. وإن ظن أنه أتم صلاته وتكلم بشيء في غير أمور الصلاة بطلت صلاته. ثالثاً: أنّه لا يجوز رد السلام في الصلاة، وهو مذهب الجمهور، وحكى ابن المنذر عن أبي هريرة رضي الله عنه وسعيد بن المسيب والحسن البصري: أنّه يُرَدُّ
(١) زيد بن أرقم: هو أبو عمرو، وقيل: أبو سعيد، وقيل: أبو حمزة، زيد بن أرقم بن زيد الأنصارى الخزرجي، يعد في الكوفيين، وسكنها، ومات بها أيام المختار سنة ست وستين، وقيل سنة ثمان وستين.