"تَبكِينَ أو لا تَبْكِينَ، ما زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلهُ بِأجْنِحَتِهَا حتى رَفَعْتُمُوهُ".
ــ
عبد الله بن عمرو، " فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " مبشراً ومواسياً لها في مصابها: " تبكين أو لا تبكين "، فإن عزاءك فيه عظيم وبشراك كبيرة وحسبك عزاءً أنه " ما زالت الملاثكة تُظلُّه بأجنحتها حتى رفعتموه "، أي استمرت تظلله تكريماً له حتى رفعتموه عن النعش إلى مثواه الأخير. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في قوله: " جعلت أكشف الثوب عن وجهه ".
فقه الحديثين: دل الحديثان على ما يأتي: أولاً: مشروعية الدخول على الميّت إذا أدرج في كفنه، كما ترجم له البخاري، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على عثمان بن مظعون بعد غسله وتكفينه، كما في الحديث الأول، ولأن جابر رضي الله عنه لما استشهد أبوه يوم أحد جعل يكشف الثوب عن وجهه، كما في الحديث الثاني، وثوب الشهيد بمنزلة كفنه. ثانياًً: أن التزكية القطعية لأي إنسان تجوز في الأمور الماضية لا في المستقبلة لأن المستقبل غيب، فلا يجوز القطع لأحد بالجنة إلاّ من شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم -، لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأم العلاء في عثمان بن مظعَون:" وما يدريك أن الله أكرمه ". قال العيني: فيه دليل على أنه لا يجزم لأحد بالجنة إلاّ ما نص عليه الشارع، ويجوز أن نثني على الميت بالخير بأن نقول فيه كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إني لأرجو له الخير ". قال في " العقيدة الطحاوية ": " ونرجو للمحسنين أن يعفو الله عنهم ويدخلهم الجنة ".