للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعْتُ النبِي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " إِنَّ كَذِبَاً علَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلى أحَدٍ، مَنْ كَذَبَ علَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ نِيحَ عَليْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَليهِ".

ــ

" سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن كذباً علي ليس ككذب على أحد "، أي إن الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - جريمة عظمى لا يساويه أي كذب على شخص آخر لما فيه من الافتراء على الله وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتغيير ما أنزل الله، والزيادة في شرع الله ما ليس منه، وقد قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا)، ولا شك أن من افترى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد افترى على الله: " من كذب عليَّ متعمداً " أي قاصداً الكذب، " فليتبوأ مقعده من النار " أي فليتخذ له منزلاً في نار جهنم، " وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: من نيح عليه "، أي من بكى عليه أهله عند موته بصوت مرتفع " يعذب بما نيح عليه "، أي فإنه يعذب بسبب بكائهم عليه.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه تحرم النياحة على الميت وهي رفع الصوت في البكاء عليه مع ذكر محاسنه وفضائله بصوت مرتفع لما فيه من تعذيب الميت. ثانياً: أن الميت يعذب بالنياحة والبكاء عليه، بصوت مرتفع وهذا إذا كانت النياحة من عادته وسنته، أو أوصى بذلك قبل وفاته كما فعل طرفة بن العبد حيث قال:

إذَا مِتُّ فَانْعِيْني بِمَا أنا أهْلُهُ ... وَشُقِّي عَلىَّ الجَيْبَ يا ابْنَةَ مَعْبدِ

أما إذا لم يكن هذا ولا ذاك، فإن الميت يعذب ببكائهم نفسياً حيث يتألم ويحزن لحزنهم. كما روي عن صفية بنت مخرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " فوالذي نفس محمد بيده إن أحدكم ليبكي فيستعبر إليه صاحبه فيا عباد الله لا تعذبوا موتاكم " أخرجه ابن أبي شيبة وقد اختار هذا المعنى جماعة من الأئمة

<<  <  ج: ص:  >  >>