فَلَمَّا أرَادَ أنْ يَخْرُج أعْلَمَتْهُ أَنَّه قَدْ مَاتَ، فصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ أخْبَرَهُ بما كَانَ مِنْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لَعَلَّ اللهَ أنْ يُبَارِكَ لَكُمَا في لَيْلَتِكُمَا " قَالَ سُفيَان: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَرَأَيْتُ لَهُ تِسْعَةَ أولادٍ كُلُّهُمْ قَد قَرأ الْقُرْآنَ.
ــ
آلامه وأخلد إلى النوم " فبات " فبات في أسعد ليلة وأكل هنيئاً، ولاعب زوجته وباشرها، " فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات، فصلّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أخبره بما كان بينهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما "، أي أرجو الله أن يبارك لكما في ليلتكما ويعوضكما عن فقيد كما بالخلف الصالح، فاستجاب الله دعوة نبيّه - صلى الله عليه وسلم - " قال سفيان بن عيينة: فقال رجل من الأنصار: فرأيت له تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن " جزاء لهما على صبرهما.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن الحزن وإن كان أمراً طبيعياً إلاّ أنه يمكن التغلب عليه بالصبر والاحتساب، كما فعلت هذه الصحابية الجليلة حيث تملكت نفسها، وسيطرت على أحزانها، وكفت مدامعها، وأخفت آلامها النفسية عن زوجها، وهيأت له كل أسباب الراحة، وهي في أشد حالات الألم حتى باشرها، وبات هنيئاً سعيداً، ولم تخبره حتى صبيحة تلك الليلة. وهكذا ضربت هذه المرأة أروع المثل في الصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والتسليم لأمر الله في الضراء. ثانياًً: فضل الصبر وعاقبته الحميدة والتعويض العاجل لكل من صبر عند الصدمة الأولى، كما عوض الله هذه الصحابية الجليلة عن ولدها هذا بتسعة أولاد من أهل القرآن. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: ظاهرة في هذه القصة العجيبة، كما قال العيني.