فَالآنَ، فَسَألَ اللهَ أنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إلَى جَانِبِ الطرَّيقِ عِنْدَ الكَثِيْبِ الأحْمَرِ".
ــ
يخيّرون قبل موتهم، " فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، فرد الله له عينه قال: ارجع فقل له: يضع يده على متن ثور " أي على ظهر ثور " فله بكل ما غطت يده بكل شعرة سنة قال: أي رب، ثم ماذا؟ قال: ثم الموت " أي ثم لا بد من الموت، لأنه مصير كل حي، " قال: فالآن " أي ما دام الموت هو النهاية المحتومة التي لا مفرّ منها، فتوفني إليك الآن.
" فسأل الله أن يدنيه " أي يقربه " من الأرض المقدسة "، وهي بيت المقدس " رمية بحجر " قال العيني: أي سأل الله تعالى الدنو من بيت المقدس ليدفن فيه، دنواً لو رمى رام الحجر من ذلك الموضع الذي هو الآن موضع قبره لوصل إلى بيت المقدس " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلو كنتُ ثَمّ " أي لو كنت موجوداً هناك " لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر " أي عند الرمل الأحمر المجتمع هناك. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في قوله: " فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة ".
فقه الحديث: دل الحديث على فضل الدفن في الأرض - المقدسة، وأنه أمنية الأنبياء والمرسلين، وعباد الله الصالحين، حيث سأل موسى ربه أن يدنيه من بيت المقدس رمية بحجر. وكان الفاروق رضي الله عنه يقول: اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، وموتاً في بلد نبيك - صلى الله عليه وسلم -، وقد حقق الله أمنيته فاستشهد في محراب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وجمع الله له بين الحسنيين رضي الله عنه وأرضاه.